شهداء الدفاع المدني في بعلبك
رجالٌ من نور: شهداء الدفاع عن الحياة في بعلبك

في ليل بعلبك المثقل بالأوجاع، عانق الأبطال آفاق الرحمة. هناك، حيث تلتقي الأرض بالسماء، ارتقت أرواح لم تعرف طعم الخوف ولا صمتت يوماً عن نداء الواجب. بلال رعد ورفاقه، رجال الدفاع المدني، كانوا عنوانًا للوفاء، للإنسانية التي تتحدى الموت، للقلوب التي لا تتردد، حتى وإن كان الثمن حياتهم.

كانت تلك الليلة هادئة إلا من أنفاسهم المتقطعة بعد عودة شاقة من إغاثة ضحايا آخرين. لم يلبثوا أن يستريحوا، حتى انقضّ عليهم صمت الغدر، لم يدروا أن تلك الليلة ستكون آخر توقيع لهم على صفحات الشرف، شهادة عزة خطوها بدمائهم وكتبوا بها فصلًا جديدًا من البطولة.

كيف لنا أن نصف حالنا بعدهم؟ كيف نقول وداعًا لمن عاشوا ليضيئوا ظلمات هذا الوطن؟ أبطال بعلبك كانوا قناديل أضاءت في دروب الخطر، حراس الليل الذين لم يعرفوا للراحة طعماً، ولم يدركوا سوى معنى البذل والعطاء.

بلال، يا قلب الوطن النابض، يا من كنت الحارس والملاك، أي لسان يكفي ليرثي نبلك، وأي دمع يكفي ليعبر عن غيابك؟ نم قرير العين يا بلال، أنت ورفاقك، فأنتم أحياء في قلوبنا، شُعلة لا تنطفئ، وستظل أسماؤكم صرخة تنادي في أعماقنا كلما حاول الظلام أن يغشى دروبنا. لكم المجد في الأرض، ولكم الرحمة في السماء، حيث لا قصف يطالكم ولا عدو يمحو أثركم.

سلام على من عاشوا رجالاً ورحلوا شهداء، وسلامٌ على بعلبك التي تبكيكم اليوم بألم وحب واعتزاز.

بعد خمسين عاماً كلمات تلهم الحاضر

في لحظات محفورة في الذاكرة اللبنانية، خرج الإمام السيد موسى الصدر بتلك العبارة الشهيرة: “….إن كل طلقة تطلق على دير الأحمر أو القاع أو شليفا، إنما تطلق على بيتي وعلى قلبي وعلى أولادي….”.
كلمات تتجاوز التعبير العاطفي لتصل إلى عمق الإيمان بقيم التلاحم والتضامن الوطني، والتي عكست رؤية الإمام الصدر للبنان ككيان واحد يتشارك فيه أبناؤه أواصر الأخوة رغم الاختلافات الدينية والمذهبية. جاءت هذه الكلمات من الإمام الصدر ليؤكد على أن المساس بأي جزء من لبنان، هو مساس بكل البلاد، وبكل فرد من أفراد هذا الوطن المتعدد الطوائف.
واليوم، وكأن روح الإمام الصدر تتجدد في وجدان أبناء بعلبك وجوارها، نراهم ينزحون إلى هذه البلدة وغيرها من بلدات البقاع البطلة كما دعاها الامام، التي فتحت بيوتها وقلوبها لاستقبالهم بكل ترحيب وسخاء. هذا الفعل الذي يتجاوز كونه مساعدة لحظية ليصبح رمزا” حيا” للعيش المشترك وللتلاحم اللبناني، الذي طالما دعا الإمام الصدر إلى الحفاظ عليه كضرورة للبقاء، حيث كان يؤمن بأن هذا العيش لا ينحصر في الجانب المادي، بل يتجسد في التفاهم والتعاضد، وفي حرص الجميع على بناء مستقبل موحد ومتسامح.
آه يا موسى الصدر، كم كانت رؤيتك بعيدة المدى، وكم كنت مؤمنا” بضرورة العيش المشترك بين الطوائف جميعها، رافعا” راية الحوار والتعاون كسبيل للتقدم. اليوم، حين نرى أصداء كلماتك تتردد في أفعال الأجيال الحالية، ندرك أن رسالتك لم تكن مجرد موقف، بل كانت دعوة للسلام والتآلف، قائمة على فهم عميق لروح المجتمع اللبناني، ذلك المجتمع الذي يبقى متحدا” رغم كل العواصف.

د. وشاح فرج

مدرسة زاد في بشامون توضح أسباب إخلاء النازحين وتؤكد دعمها لهم

انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر يتعلق بمدرسة زاد الخاصة، يفيد بأن الإدارة تقوم بإخلاء المدرسة من النازحين لفتح أبوابها أمام الطلاب وبدء العام الدراسي.

بعد التواصل مع مديرة مدرسة زاد في بشامون، د. سوسن شربجي، أوضحت أنه في بداية الأزمة تم الاتفاق مع المسؤولين عن النازحين بأنه في حال صدور قرار من وزارة التربية ببدء التعليم، يجب إخلاء المدرسة. وبعد قرار وزارة التربية بفتح المدارس في 4 تشرين الثاني، طلب المسؤولون من النازحين الإخلاء بعد تأمين مركز إيواء آخر لهم.

وفيما يتعلق بالأوراق التي عُلّقت على حيطان المدرسة، أكد أحد النازحين أن الإدارة لا علاقة لها بذلك، وأن المسؤولين هم من قاموا بتعليقها بعد أن أبلغوهم قبل عشرين يومًا بضرورة الإخلاء.

وأكدت د. شربجي أن الرقم التابع لقائمقامية بشامون قد تغيّر من “05” إلى “25”. وقالت: “المدرسة قدمت الكثير للنازحين، وهناك من يصطاد في الماء العكر. نحن أيضًا نازحون ونشعر بهم ونقدر موقفهم، ولكن يجب أن نطبق القوانين، خصوصًا أن أهالي الطلاب يطالبوننا بفتح المدرسة.”

وأضافت د. شربجي أن المدرسة لم تفتح أبوابها فحسب، بل فتحت قلوبها للنازحين الذين لم تعتبرهم غرباء، بل جزءاً من عائلتها، مشيرةً إلى أن الكادر التعليمي كان أول المتطوعين لمساندتهم وتقديم الدعم النفسي لهم. وتمنت أن تنتهي الأزمة ويعمّ السلام في لبنان.

في السراء والضراء… شكرًا قطر

“أحمل من قطر رسالة تضامن مع لبنان في وجه العدوان الذي يتعرض له.” بهذه الكلمات، أعلنت وزيرة الدولة للتعاون الدولي بالخارجية القطرية، لولوة الخاطر، وتنفيذًا لتوجيهات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عن دعم قطر للبنان، مؤكدةً مرة أخرى وقوف قطر إلى جانب الشعب اللبناني في الأوقات الحرجة. هذا الالتزام لم يكن جديدًا، فقد تجلى بوضوح في حرب 2006، حين كانت قطر أول من مد يد العون للبنان، ليتردد صدى تلك العبارة الشهيرة لرئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، “أول الغيث قطر.”

قطر لم تتوانَ يومًا عن دعم لبنان، سواء من خلال الإغاثة العاجلة أو المساهمة في إعادة الإعمار. ولعل أبرز الأمثلة على هذا الالتزام، المساعدات القطرية التي أعادت الحياة للضاحية الجنوبية وغيرها من المناطق التي دمرتها الحرب، لتصبح نموذجًا يحتذى به في التضامن العربي. وفي السياق ذاته، أكدت الخاطر أن “قطر كانت ولا تزال داعمة للقوات المسلحة اللبنانية، المظلة التي تجمع كل اللبنانيين.” هذه العبارة تحمل دلالة واضحة على إدراك قطر لأهمية دور الجيش اللبناني في توحيد الشعب واستقرار البلاد.

اليوم، تجدّد قطر التزامها تجاه لبنان في ظل التصعيد المستمر، حيث تعاني البلاد من ضغوطات شديدة جراء العدوان الإسرائيلي. وأوضحت الخاطر أن “العدو الإسرائيلي يتوهم أنه قادر على التفرقة بين اللبنانيين”، مؤكدة أن “ادعاء الاحتلال أنه يستهدف طيفًا بعينه ومنطقة بعينها في لبنان لا أساس له.” بل وأضافت أن “125 شهيدًا من الطواقم الطبية في لبنان لو حدث ذلك في مكان آخر لانتفض العالم”، مُنتقدة الصمت الدولي تجاه الأوضاع المتدهورة.

في إطار هذا الدعم، أعلنت الخاطر عن إطلاق جسر جوي من قطر إلى لبنان، لنقل المساعدات الطبية والإغاثية العاجلة. هذا التحرك السريع يعكس حرص قطر على الوقوف بجانب الشعب اللبناني في أزمته الإنسانية، ويؤكد التزامها بخطط طويلة المدى تهدف إلى توفير حلول جذرية للوضع الحالي.

الخاطر لم تكتفِ بهذا الإعلان، بل وجهت نداءً للمجتمع الدولي، داعيةً إلى تحرك فوري لوقف إطلاق النار في لبنان وغزة، وحثت على اتخاذ خطوات جدية لإنهاء العنف وحماية المدنيين. هذا النداء يعكس رغبة قطر في أن ترى استجابة دولية عادلة للأزمة اللبنانية.

في النهاية، يبقى الدعم القطري للبنان رمزًا للعلاقات المتينة وروح الأخوة بين البلدين، حيث لا تترك قطر لبنان وحيدًا في الأزمات، بل تقف إلى جانبه في السراء والضراء. هذا الالتزام الدائم يجعل قطر شريكًا حقيقيًا للبنان، يُجسّد قيم التضامن والمساندة في كل الأوقات. شكرًا قطر.

هل عاد التعليم في لبنان للميسورين فقط؟

في مشهد غير مقبول، لم تعد لمدارس في لبنان مجرد مكان للتعليم، بل أصبحت كجزّارٍ يمسك بمنشار مالي ليقطع من جلد الناس ولحمها ويتلاعب بمستقبل آلاف العائلات. ولم يعد التعليم حقًا بمتناول اليد، حيث باتت تكاليفه الباهظة تحاصر كل أسرة.

لقد شهدت أسعار التعليم في المدارس الخاصة ارتفاعاً جنونياً، فالتكاليف تضاعفت مقارنة بالعام الماضي، في وقتٍ يعاني فيه المواطن اللبناني من رواتب هزيلة ومصالح متوقفة، عدا عن الأزمة الاقتصادية والحرب التي أوشكت على إنهاء عامها الأول. أما ما يزيد الطين بلة، فهو أن هذه التكاليف تشمل كل شيء من الأقساط إلى الكتب واللوازم المدرسية وحتى المواصلات، مما يجعل التعليم أشبه بحلم بعيد المنال للأسر المتوسطة والمحدودة الدخل.

وما زاد من عمق الجرح هو أن المدارس الرسمية، التي كانت سابقاً الملاذ الأخير للطبقات الفقيرة، لم تعد توفر التعليم المجاني كما ينص عليه الدستور اللبناني. حيث فرضت الحكومة رسوماً على التسجيل بلغت 50 دولاراً لكل طالب، وهو مبلغ قد يكون ضئيلاً للبعض، ولكنه يشكل عبئاً لا يُحتمل بالنسبة للكثير من الأسر، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها لبنان.

إن هذا الإجراء يضرب عرض الحائط بمبدأ مجانية التعليم، الذي نص عليه الدستور اللبناني في مادته العاشرة والتي تؤكد على حق كل مواطن في التعليم دون تحميله أعباء مالية ثقيلة. كما أن القانون 686 لعام 1998 ينص بشكل واضح على إلزامية ومجانية التعليم في المرحلة الابتدائية، غير أن الواقع اليوم يشير إلى عكس ذلك، حيث أن التعليم المجاني بات رفاهية لا يقدر عليها الجميع.

هذه الإجراءات تسهم في تفاقم الهوة بين الطبقات الاجتماعية في لبنان وتثير تساؤلات ملحة: هل أصبح التعليم حقاً مخصصاً للميسورين فقط؟ وهل من الممكن أن يبقى هذا القطاع أسيرًا لضغوطات اقتصادية وسياسية تؤثر على مستقبل أجيال بأكملها؟ 

إننا نواجه لحظة فارقة تتطلب بالتأكيد إعادة النظر في سياسات التعليم، وضمان تطبيق القوانين التي تحمي مجانية التعليم للجميع، حفاظاً على مستقبل لبنان وأبنائه.

مهرجانات بعلبك الدولية
لا لنقل مهرجانات بعلبك: حافظوا على رمزيتها التاريخية

منذ انطلاقها، ارتبطت مهرجانات بعلبك الدولية بقلعة بعلبك التاريخية ومدينة بعلبك العريقة. لم تكن هذه المهرجانات مجرد حفلات موسيقية، بل كانت تجسيدًا لروح المدينة وصمود أهلها، حيث استمدت قوتها وجاذبيتها من هذا الموقع الجغرافي الفريد الذي يجمع بين الأصالة والتاريخ. ويجب على اللجنة المنظمة أن تعي أن مهرجانات بعلبك الدولية ليست مجرد اسم لمهرجانات، بل هي متجذرة بإسم وموقع وتاريخ بعلبك وقلعتها.

مدينة بعلبك وأهلها لديهم تاريخ طويل من الصمود والمثابرة. فقد تعرضت هذه المدينة على مر العصور للعديد من التحديات، لكن أهلها دائمًا ما كانوا ينهضون من جديد، مؤكدين على حبهم للحياة وتمسكهم بتراثهم الثقافي الغني. من هنا، كانت المهرجانات الدولية تمثل رمزًا لهذه الروح القوية، حيث تتجمع الأنغام والموسيقى لتعبر عن هذا الصمود والتفاؤل.

في الشهور الأخيرة، شهدت المنطقة ظروفًا أمنية صعبة جعلت من إقامة المهرجانات في قلعة بعلبك تحديًا كبيرًا. لكن يبقى السؤال: هل كان من الأفضل نقل المهرجان إلى بيروت، مما يفقده جوهره ومغزاه التاريخي؟ أم كان من الأجدى إلغاؤه هذا العام حفاظًا على رمزيته العميقة؟

مدينة بعلبك ليست مجرد مكان، بل هي رمز للصمود والثقافة والتاريخ. على مر السنين، عاش أهل بعلبك ظروفًا قاسية، لكنهم لم يفقدوا أبدًا حبهم للحياة وحرصهم على الاحتفال بتراثهم. المهرجانات كانت دائمًا رمزًا لهذه الروح القوية، وكانت قلعة بعلبك خلفية مثالية لهذه الاحتفالات، حيث تجتمع الأصوات والألحان لتروي قصة المدينة وأهلها.

البيان الصادر عن لجنة مهرجانات بعلبك الدولية يشير إلى أهمية الثقافة كحافز للوحدة والسلام. لكن، يمكننا التساؤل: هل تتحقق هذه الرسالة فعلًا إذا نقلنا المهرجان إلى بيروت؟ أم أن قوة الرسالة تكمن في ارتباطها بالموقع الأصلي للمهرجان؟

في الختام، نتمنى أن تعود مهرجانات بعلبك إلى موقعها الأصلي، ونحن إذ نفهم القلق الأمني ورغبة إدارة المهرجان في الحفاظ على سلامة الحضور، لكن رمزية إقامة المهرجان في بعلبك لا يمكن تجاهلها. بعلبك ليست مجرد مدينة، إنها رمز للصمود والإصرار كما للأمل والسلام، ونقل المهرجان يفقده جزءًا من هذا الإرث العريق. وكما قال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى العام الماضي: “المهرجانات تستمد أهميتها من عظمة بعلبك وبهائها، فالمجد يستقى من بعلبك”.

صوت مهرجانات بعلبك الدّوليّة يصدح رغم الظّروف

حلم كلّ فنان، وكلّ فرقة موسيقيّة المشاركة في مهرجانات بعلبك الدّوليّة، الحدث العالمي الثّقافي والمتميّز. والذي يقام منذ عام ١٩٥٥ ، والذي تستقبل من خلاله بعلبك زوّارًا من جميع أنحاء العالم لحضور هذا المهرجان السنوي.
“كنا نحضّر في الأساس منذ أشهر لحفلة تقام بين أعمدة معبد باخوس في قلعة بعلبك، وكان أملنا بأن يسمح لنا الوضع الأمني بتقديم حفلة واحدة على الأقل، لا تكون عادية بل رمزية تحمل رسالة مرتبطة بالأوضاع التي نمر فيها” . بهذه الجملة عبّرت رئيسة المهرجانات نايلة دو فريج عن عملها منذ اشهر، إلّا أنّ الظروف الأمنية في جنوب لبنان والاعتداءات المتكررة للعدو الصهيوني والتي وصلت الى منطقة بعلبك في اكثر من مرة بالإضافة الى رفض الفنانين والفرق الموسيقية إقامة أي حفل في قلعة بعلبك للأسباب نفسها وغياب التمويل اللازم كما أنّ شركات التأمين رفضت تغطية أي نشاط يقام في بعلبك للأسباب نفسها، كل ذلك دفع منظمي مهرجانات بعلبك الدولية، للاستعاضة عن المهرجان الدولي بحفلة موسيقية واحدة لفنانين لبنانيين وفلسطينيين خلال أغسطس/ آب المقبل في بيروت.
تضيف نايلة دو فريج أتفهم المواقف المعترضة عبر شبكات التواصل الاجتماعي على عدم إقامة المهرجان في بعلبك “وخصوصًا أن أهالي بعلبك ينتظرون المهرجان من سنة الى أخرى”، لكنها أكدت أن “الخيار كان بين توقّف المهرجانات هذه السنة، أو إقامتها في بيروت”. ودعت دو فريج أهالي بعلبك إلى أن “يتفهّموا أيضًا قرار إدارة المهرجانات إذ أنها لا يمكن أن تتحمل مسؤولية ترك الناس يخاطرون، نظرًا إلى احتمال حصول تطور أمني”، وذلك بسبب المواجهات المستمرة منذ نحو عشرة أشهر، حيث تعرّضت بعض المناطق في شرق لبنان بينها في محافظة بعلبك، لضربات جوية إسرائيلية.
لجنة مهرجانات بعلبك الدولية اشارت في بيان لها انه “على الرغم من الأحداث الأمنيّة المؤلمة التي تعصف بالمنطقة وبلبنان، تودّ مهرجانات بعلبك الدوليّة التأكيد على أهمية الثقافة كحافز للوحدة والسلام”.
أضاف البيان، “في عالم يتّسم بالسلبيّة، يظلّ إلتزامنا برسالتنا الثقافية ثابتاً، لا يتزعزع. وبهذه الروحيّة تقدّم مهرجانات بعلبك الدوليّة “أوتار بعلبك”، يوم الخميس ٢٩ آب ٢٠٢٤ بمشاركة كبار عازفي العود من لبنان وفلسطين: شربل روحانا وفرقته السداسية في الفصل الأول من الحفل. الثلاثي جبران وفرقته الموسيقيّة في الفصل الثاني من الحفل”.

وأكد البيان الى ان هذا الحدث الموسيقي المزدوج الفريد “يهدف الى الإضاءة على أهميّة الحوار والتناغم الثقافي ردّاً على العنف المحيط بنا”.

وختم البيان الى انه “كان من المقرّر أن يقام هذا الحفل في بعلبك، ولكنه سينقل أخيراً الى مسرح كركلا في حرش تابت، بيروت، بسبب الظروف الأمنيّة الراهنة. إن رمزيّة هذا المكان تبرز التضامن الثابت بين مسرح كركلا العريق ولجنة مهرجانات بعلبك الدوليّة”.


بين مؤيد ورافض لإقامة المهرجانات في بيروت تبقى بالنسبة لنا ومن وجهة نظري وموافقة الكثيرين اقامته ولو في بيروت أفضل من عدم اقامتها ليبقى اسم بعلبك يتحدى رغم الظروف كل الظروف ويبقي لي أن أوجّه كلمة شكر للجنة مهرجانات بعلبك للأسباب التالية:
أولا، شكرا لإصراركم إقامة المهرجانات ولو في الحد الأدنى، رغم انه كان يمكن لكم ان تصدروا بيانا تعلنوا فيه إلغاءها بسبب الظروف، لكن اصراركم لإبقاء المهرجانات قائمة برأيي لا يستحق النقد من أي شخص وإن كنت احترم رأيه.
ثانيا، لاختياركم عازفين فلسطينيين في هذا الظرف وهذا بحد ذاته إعلان واضح عن دعمكم لفلسطين في هذه الظروف.
ثالثا، لاختياركم مسرح ابن بعلبك فنانها الأول مسرح كركلا وهذا أيضا احترامًا منكم لروحية بعلبك باختيار من يطلق عليه الكثيرون تسمية “العامود السابع من أعمدة قلعة بعلبك.”
رابعا، احترامكم لبيئة أهل بعلبك، في ظل استقبال أهلها للعديد من الشهداء الذي سقطوا و يسقطون على طريق القدس.
أما للرّأي العام لكم أن توجّهوا نقدكم البنّاء فالكلمة الطيّبة تخرج الثّعبان من وكره، ولكن كونوا موضوعيين و صادقين لأننا كبعلبكيين لن نتحمّل المسؤولية في تقديم الأمان للزوّار.


د. رانيا دندش

مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي
“وحوش” تيك توك: صرخة أطفال تُنادي بِحمايةٍ غائبة

في عالمٍ افتراضيّ، حيث تُبنى الشهرة على التفاهة والسلوكيات المنحرفة، تُسْتَغَلّ براءة الأطفال وتُباع كسلعة رخيصة. هكذا، هزّتْ فضيحة “تيك توك” الأخيرة أرجاء المجتمع اللبناني والعالم العربي، لتُعيدنا مجدداً إلى نقاشٍ حادٍ حول مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على أطفالنا وأجيالنا الناشئة.

تكمن تفاصيل الفضيحة في قيام بعض مستخدمي “تيك توك” “الوحوش”، باستدراج الأطفال عبر هذه المنصة ليصار إلى الاعتداء عليهم جنسيًا وتصوير الاعتداءات بالصوت والصورة، ومن ثم بيع هذه الفيديوهات عبر ما يعرف بال Dark Web. حكاياتٌ مأساوية روتها ألسنةٌ بريئة، كشفت عن وحشيةٍ لم تُراعِ براءة الطفولة ولا الحس الإنساني.

تُسلّط هذه الفضيحة الضوء على مخاطر جمة تُهدّد أطفالنا في ظلّ انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، من أهمّها:

  • اختراق خصوصية البيوت: فقد باتت هذه الوسائل تُدخل بيوتنا وتُطلّ على تفاصيل حياتنا اليومية، متجاوزة كلّ الحدود الطبيعية والاصطناعية التي كانت تحمي حرمة البيت والأسرة.
  • الترويج للسلوكيات المنحرفة: تُركّز منصات التواصل الاجتماعي على التفاعل وجذب المشاهدين، بغض النظر عن نوعية المحتوى المُقدّم. وهذا ما أدّى إلى انتشار ظاهرة “المُشاهير”، الذين يُبني محتواهم على التفاهة والسلوكيات المنحرفة، والذين يحققون أموالًا طائلة، وهذا ما يؤثر سلباً على سلوكيات الأطفال والشباب الذين يحاولون تقليدهم والاقتداء بهم. خاصة في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها لبنان والمنطقة.
  • ضعف القوانين: تُعاني الدول العربية، ومن ضمنها لبنان، من ضعف في القوانين المُتعلّقة بحماية الأطفال على الإنترنت. فالقانون اللبناني لمكافحة الجرائم الإلكترونية، على سبيل المثال، لا يُغطّي بشكلٍ كافٍ جميع أشكال الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت. كما أنّ آليات الرقابة على محتوى المنصات الإلكترونية لا تزال ضعيفة، ما يفسح المجال لانتشار مثل هذه الظواهر الخطيرة.

صرخة أطفال:

إنّ فضيحة “تيك توك” تُمثّل صرخة أطفالٍ تُنادي بِحمايةٍ غائبة. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع، من أفراد ومجتمعات ودول، لخلق بيئة آمنة تُتيح لأطفالنا الاستفادة من فوائد هذه الوسائل دون تعريضهم لمخاطرها. لكل هذا، لا بدّ من اتّخاذ خطواتٍ جادة لمواجهة هذه المخاطر، هذه بعضها:

  • توعية الأهالي: يجب توعية الأهالي على مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي على أولادهم، وتعليمهم كيفية استخدامها بشكلٍ آمن.
  • التشديد على رقابة الأهل: حيث تُوفّر العديد من المنصات الإلكترونية أدواتٍ لرقابة الأهل، وهذا ما يُتيح لهم التحكم في محتوى ما يُشاهده أطفالهم على الإنترنت.
  • مسؤولية المنصات: يجب على منصات التواصل الاجتماعي اتّخاذ خطواتٍ أكثر صرامة لمكافحة محتوى الاستغلال الجنسي للأطفال، من خلال تحسين آليات الرقابة وتطوير أنظمة الإبلاغ عن مثل هذه المحتويات.
  • تطوير القوانين: يجب على الدول العربية العمل على تطوير قوانينها المُتعلّقة بحماية الأطفال على الإنترنت، وتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال.
  • العمل الجماعي: يجب على جميع الجهات المعنية، من حكومات ومؤسسات مجتمع مدني ومدارس، التعاون لمكافحة هذه الظاهرة، وتوفير برامج دعمٍ نفسيّ للأطفال الذين تعرّضوا للابتزاز أو الاستغلال.
ChatGPT by: Mohammad Ismail
أشعل شرارة الإبداع مع شات جي بي تي: ١٥ خطوة لاستغلال كامل إمكاناته

هل جرّبتَ شات جي بي تيChatGPT، رائد الذكاء الاصطناعي التي يلعب دور المصباح السحري في عالم الإنترنت؟ هل شعرت بالعجز والإحباط لعدم القدرة على استخراج كل ما تريد منه؟ لنترافق سويًا في ١٥ خطوة كفيلة بإشعال فتيل الإبداع في ChatGPT، ولنستخرج منه كنوزه الثمينة:

  • حدّدْ لهُ المسار: لا تتركِه حائراً يتخبّط، أعطهُ شخصيةً محددةً: كاتبٌ صحفي، شاعرٌ مُلهم، مُبرمجٌ مُحنّك، كلّما زادَ تحديدُ مهمّته، زادَ إتقانُه للّعبة!
  • خُطّةٌ واضحة، نجاحٌ مضمون: أرسل له مهمّةً واحدةً في كلّ مرّة، لا تُغرقهُ بسيلٍ من المهام! مثلاً، أطلب منهُ قصيدةً غزليةً بدلاً من سردٍ تاريخيٍ ووصفةِ طبخٍ معاً!
  • الدقّةُ مفتاحُ السّحر: كلّما كانت تعليماتُكَ أوضح وأدق، زادت فُرصَ تَحقّقها. أتريدُ رسالةً بريديةً لأشخاصٍ معيّنين؟ حدّد مَصالحهم وصفاتهم بدقّة لتصِل لقلوبهم مباشرةً!
  • لا تقِفْ عند ردّه الأول: استعمل ردَه كبوصلة لتُصَوّبَ هدفكَ! مثلاً، لو كتب لك مقطوعةً شعريّةً حزينةً وأنتَ تطلبُ شيئاً مبهجاً، طوّر طلبكَ بناءً على ما قدّمهُ، وسيُفاجئك بشيءٍ رائعٍ بلا شكّ!
  • زوّدهُ بسِياقٍ غنيّ: لا تتركُهُ في الظلام! أخبرهُ بكلّ ما يلزمه لفهمِ طلبكَ، تفضيلاتكَ، وحتى خلفيّةً تاريخيّةً إن لزم الأمر، كأن تُريدُ تحليلاً سياسياً يعتمدُ على أحداثٍ سابقة.
  • وثّق أسرارَ النجاح: خاصةً للمهامّ التجارية، اكتبْ “دليلَ أفضل الممارسات” للتعاملِ معه، تجمِعُ فيه كلّ الخِبرات المُكتسبة!
  • اقطعْ الطريقَ الطويل خطوةً خطوةً: لا تُكلفه بحلّ لغزٍ صعبٍ دفعةً واحدة! قسّمِ المهمّة إلى خطواتٍ صغيرة، تحقّقْ مع كلّ منها وتصوّبْ مسارهُ إنْ مالَ!
  • اسألهُ بلباقةٍ عن احتياجاته: لا تستحِ أن تسأله كيف يمكنُكَ مساعدته لتقديم أفضلِ ما لديه! ثقْ أنّه سيقدّرُ تعاونكَ وسيبهرك بنتائجه!
  • الوضوحُ سِرّ العلاقة: حدّدْ توقّعاتكَ بوضوحٍ تامٍّ في مُحادثاتكَ معه، واستخدمْ لغةً دقيقةً لتحصلَ على استجاباتٍ أقربَ لما تطمحُ إليه.
  • أبوابُ اللغة مفتوحة: استخدمْ مرادفاتٍ وكلماتٍ جديدةً تُسعّرُ من قُدرته على فهمِ طلبكَ وإخراج عملٍ فريدٍ من نوعه!
  • الكلمات لسانُ النّية: اخترْ الألفاظ بعنايةٍ شديدةٍ لتُعبّرَ عن نيّتكَ بوضوحٍ تامٍّ، فهذا يُسهّلُ عليه فهمَ ما تريدهُ ويُحسّنُ استجابتهُ لكَ!
  • رُفقاً مع شريككَ الذكيّ: تعاملْ معه باحترامٍ ومباشرةٍ، فهذا يعزّزُ تعاونَكما ويصنعُ عالماً من المُحتوى الإبداعيّ معاً!
  • لمسةٌ من الشّعور: بحسبِ الأبحاث، استخدمْ كلماتٍ تُثيرُ العواطفَ في مُحادثاتكَ معه، فقد تُفاجَأ بنتائجَ مذهلةً وغيرَ مُتوقعة. مثلاً، لو أردْتَ كتابةَ قصةٍ رومانسية، يمكنكَ أن تقولَ له: “اكتبْ لي قصةً عن حبٍّ أولٍ حزينٍ”. سيفهمُ أنّك تريدُ قصةً مؤثرةً تُثيرُ مشاعرَ الحزنِ والرومانسيةِ في نفسِ الوقت.
  • ضبطُ النّغمة: لا تُهملْ ضبطَ نَغمةِ المُحتوى المُولد، خاصةً إذا كنتَ تُريدُ استخدامهُ على وسائلِ التواصلِ الاجتماعي. فمثلاً، إذا كُنتَ تُريدُ كتابةَ مقالٍ تسويقيّ، فاخترْ كلماتٍ وجملاً قويةً وإيجابيةً، لتجذبَ انتباهَ القارئينَ وتُحفّزهم على الشراء.
  • المخطّط العام: إذا كنتَ تُريدُ إنشاءَ محتوىٍ طويلٍ، مثلَ مقالٍ أو قصةٍ، فاعطِ ChatGPT خطةً عامةً للمُحتوى الذي تريدُ إنتاجه. سيساعدُ ذلكَ ChatGPT على فهمِ توقعاتكَ بشكلٍ أفضلِ وتقديمِ نتائجٍ أكثرَ دقةً.
  • المراجعُ الموثوقة: إذا كنتَ تريدُ إنشاءَ محتوىٍ دقيقٍ، فاحرصْ على تقديمِ ChatGPT بمراجعٍ موثوقة. سيساعدُ ذلكَ ChatGPT على التحققِ من المعلوماتِ التي يُنتجها وضمانَ صحّتها.

باتباع النصائح الواردة في هذا المقال، يمكنك استغلال كامل إمكانات ChatGPT وإنشاء محتوى إبداعي ومفيد في مختلف المجالات والسياقات. وتذكّر، أن “التجربة تصنع الكمال”، لذا لا تخف من تجربة ChatGPT فمع القليل من الجهد والصبر، يمكنك أن تصبح فنانًا أو كاتبًا أو مبدعًا ناجحًا بالشراكة مع ChatGPT.

الذكاء الاصطناعي
كل ما تحتاج لمعرفته حول الذكاء الاصطناعي: من البداية حتى الآن

الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) هو مجال علمي وتكنولوجي يهدف إلى تطوير آلات وبرامج تستطيع أن تقوم بمهام تتطلب ذكاءًا بشريًا، مثل التعرف على الصور والأصوات والكلام والكتابة، والتفكير، والتعلم، والإبداع. الذكاء الاصطناعي يحاول محاكاة القدرات العقلية والسلوكية للإنسان، وتحسينها وحتى تجاوزها في بعض الحالات. الذكاء الاصطناعي يعتبر من أهم المجالات العلمية والتكنولوجية في العصر الحديث، وله تأثيرات كبيرة على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبشرية.

الذكاء الاصطناعي بدأ كفكرة في القرن العشرين، وخاصة بعد ظهور الحواسيب الإلكترونية (Electronic Computers) في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. الحواسيب الإلكترونية هي آلات تستطيع تخزين ومعالجة وإخراج البيانات بسرعة ودقة عالية، وتعتمد على البرمجة (Programming) وهي عملية كتابة تعليمات وقواعد للحاسوب لينفذها. في عام 1956، عُقد أول مؤتمر عن الذكاء الاصطناعي في جامعة دارتموث (Dartmouth College) في الولايات المتحدة الأمريكية، وشارك فيه علماء مهتمون بمحاكاة القدرات العقلية للإنسان باستخدام الحواسيب. هذا المؤتمر يعتبر بداية الذكاء الاصطناعي كمجال علمي منفصل، ومنه انبثقت العديد من الأفكار والمشاريع والمصطلحات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي.

تطور الذكاء الاصطناعي مع الوقت بفضل التقدم التكنولوجي والنظري في مجالات مختلفة، مثل علم الحاسوب (Computer Science) والرياضيات (Mathematics) وعلم الأعصاب (Neuroscience) وعلم النفس (Psychology) والفلسفة (Philosophy) وغيرها. هذه المجالات تساهم في فهم طبيعة الذكاء وآلياته ومقاييسه وتحدياته وإمكانياته، وتوفر الأسس والأدوات والنماذج والتطبيقات لتنفيذ الذكاء الاصطناعي. في الستينات والسبعينات، ظهرت برامج تستطيع حل مشاكل صعبة في الرياضيات والشطرنج والطب والفيزياء، ولكنها كانت تعتمد على قواعد محددة مسبقاً. هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يسمى الذكاء الاصطناعي القائم على القواعد (Rule-based Artificial Intelligence)، وهو يعتمد على كتابة مجموعة من القواعد والحقائق والمفاهيم المنطقية، واستخدام الاستدلال (Reasoning) والاستنتاج (Inference) للوصول إلى الحلول. هذا النوع من الذكاء الاصطناعي يعاني من بعض المشاكل، مثل صعوبة كتابة وصيانة وتحديث القواعد، وعدم قدرته على التعامل مع البيانات الغامضة أو المتناقضة أو غير المكتملة.

في الثمانينات والتسعينات، انتشرت نماذج الشبكات العصبية الاصطناعية (Artificial Neural Networks)، التي تحاكي طريقة عمل الخلايا العصبية في الدماغ، وتستطيع التعلم من البيانات دون الحاجة إلى برمجة مفصلة. الشبكات العصبية الاصطناعية هي مجموعة من الوحدات الحسابية (Neurons)، تتصل ببعضها بواسطة الروابط الوزنية (Weights)، وتقوم بتلقي ومعالجة وإرسال الإشارات الرقمية. الشبكات العصبية الاصطناعية تستطيع التعلم من البيانات بواسطة الخوارزميات (Algorithms)، وهي مجموعة من الخطوات المنطقية والرياضية لحل مشكلة معينة. الشبكات العصبية الاصطناعية تستطيع حل مشاكل معقدة في مجالات مثل التعرف على الوجوه والكتابة اليدوية والترجمة الآلية والتحكم في الروبوتات، ولكنها تحتاج إلى كميات كبيرة من البيانات والحواسيب القوية للتدريب والتشغيل.

في الألفية الجديدة، شهد الذكاء الاصطناعي ثورة كبيرة بفضل زيادة قدرة الحواسيب وتوفر كميات هائلة من البيانات على الإنترنت، وتطور تقنيات جديدة مثل التعلم العميق (Deep Learning) والتعلم التعزيزي (Reinforcement Learning) والتعلم الآلي (Machine Learning):

التعلم العميق هو فرع من الشبكات العصبية الاصطناعية، يستخدم شبكات متعددة الطبقات (Multi-layer Networks)، تتكون من عدة طبقات متتالية من الوحدات الحسابية، تقوم بتحويل البيانات من مستوى إلى آخر بطريقة متدرجة ومعقدة. التعلم العميق يستطيع استخراج المعلومات والميزات الهامة والمفيدة من البيانات الضخمة والمتنوعة والغير مهيأة، مثل الصور والأصوات والنصوص والفيديوهات، ويستطيع توليد بيانات جديدة بناءً على البيانات الموجودة. التعلم العميق يستخدم في مجالات مثل التعرف على الأشخاص والأشياء والمشاعر والأماكن، والتوليد الآلي للصور والأصوات والنصوص والموسيقى، والتحليل الآلي للبيانات والاتجاهات والتنبؤات.

التعلم التعزيزي هو فرع من التعلم الآلي، يهدف إلى تعليم الآلة كيف تتصرف في بيئة معينة، بحيث تحقق أقصى قدر من المكافأة (Reward) أو تقلل أدنى قدر من العقاب (Punishment). التعلم التعزيزي يعتمد على مبدأ التجربة والخطأ، حيث تقوم الآلة بتجربة عدة إجراءات ممكنة، وتتلقى ملاحظة عن نتائجها، وتحسن استراتيجيتها بناءً على تلك الملاحظة. التعلم التعزيزي يستخدم في مجالات مثل التحكم في الروبوتات والسيارات الذكية والألعاب الإلكترونية، والتداول الآلي، والتخطيط والتحسين.

التعلم الآلي هو فرع من علم الحاسوب والإحصاء، يهدف إلى تطوير برامج تستطيع التعلم من البيانات والخبرة دون الحاجة إلى برمجة مفصلة. التعلم الآلي يستخدم الخوارزميات والنماذج الرياضية والإحصائية لاستخراج المعرفة والقواعد والأنماط من البيانات، وتطبيقها على بيانات جديدة أو مشاكل جديدة. التعلم الآلي ينقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية: التعلم المشرف عليه (Supervised Learning)، وهو عندما تكون البيانات مصنفة أو موسومة بالإجابات الصحيحة، ويهدف البرنامج إلى تعلم كيفية التنبؤ، أو التصنيف، أو الانتقاء، أو الاستنتاج. التعلم غير المشرف عليه (Unsupervised Learning)، وهو عندما تكون البيانات غير مصنفة أو موسومة، ويهدف البرنامج إلى تعلم كيفية تجميع، أو تقسيم، أو تمييز، أو توليد البيانات. التعلم شبه المشرف عليه (Semi-supervised Learning)، وهو عندما تكون البيانات جزئياً مصنفة أو موسومة، ويهدف البرنامج إلى تعلم كيفية استغلال البيانات الموسومة والغير موسومة معاً لتحسين الأداء. التعلم الآلي يستخدم في مجالات مثل التصنيف والتجميع والتنقيب والتوصية والتحليل، والتفسير، والتحسين، والاكتشاف.

أحد أبرز الإنجازات في مجال الذكاء الاصطناعي هو تطوير برامج تستطيع إجراء حوارات طبيعية مع البشر، وتسمى بالمحادثات الذكية (Smart Conversations) أو الدردشات الذكية (Smart Chats) أو الشات بوت (Chatbot). هذه البرامج تستخدم تقنيات متقدمة في مجالات مثل معالجة اللغات الطبيعية (Natural Language Processing) والتعلم العميق والتعلم الآلي، لتحليل النصوص والأصوات والصور والمشاعر والمعاني والسياقات، ولإنتاج ردود مناسبة ومقنعة ومفيدة. هذه البرامج تهدف إلى تحسين تجربة المستخدمين وتوفير الخدمات والمعلومات والترفيه، والتعليم، والتواصل، والتعاون.

أحد أشهر البرامج في هذا المجال هو ChatGPT، وهو نموذج عصبي مولد للنصوص (Neural Text Generator)، يستطيع إنشاء محادثات طبيعية وممتعة ومبتكرة، بناءً على الرسائل السابقة والموضوع المطلوب. ChatGPT يستخدم تقنية تسمى النموذج النصي العام المحسن (Generative Pre-trained Transformer)، وهي تقنية تستطيع توليد نصوص في أي مجال أو نوع أو لغة، بناءً على تدريبها على ملايين النصوص الموجودة على الإنترنت. ChatGPT هو واحد من أمثلة البرامج التي تظهر قدرة الذكاء الاصطناعي على التواصل والإبداع والتعلم

أصبح الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مهماً في حياتنا اليومية، فهو يساعدنا في العديد من المجالات والنشاطات، مثل البحث والتواصل والتعليم والترفيه والصحة والأمن والتجارة والصناعة، والزراعة، والبيئة، وغيرها. الذكاء الاصطناعي يوفر لنا الوقت والجهد والمال، ويحسن من جودة الخدمات والمنتجات والقرارات، ويزيد من الكفاءة والإنتاجية والابتكار. الذكاء الاصطناعي يفتح لنا آفاقاً جديدة للتعرف على أنفسنا وعلى العالم من حولنا، وللتفاعل معه بطرق أكثر ذكاءً وإبداعاً.

مستقبل الذكاء الاصطناعي مليء بالتحديات والفرص، فهو يتطور بسرعة مذهلة، ويتجاوز حدود الإمكان، ويثير العديد من الأسئلة والمخاوف. هل سيستطيع الذكاء الاصطناعي أن يصل إلى مستوى الذكاء البشري أو يتفوق عليه؟ هل سيكون الذكاء الاصطناعي صديقاً أو عدواً للإنسان؟ هل سيحترم الذكاء الاصطناعي القيم والأخلاق والقوانين البشرية؟ هل سيكون الذكاء الاصطناعي مسؤولاً عن أفعاله ونتائجه؟ هل سيكون الذكاء الاصطناعي له وعي وشخصية وحقوق؟ هذه هي بعض الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات وحلول من قبل العلماء والمهندسين والمفكرين والمنظمات والحكومات والمجتمعات، لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة آمنة ومنفعة ومستدامة للبشرية.