المعلمّون الذين نظّموا الانتخابات النيابيّة، لم يجدوا من ينظّم لهم دفع أجورهم

المعلمّون في محتسبيّة بعلبك اليوم

في بلدنا تتفنّن السلطة في إهانة مواطنيها، واليوم كان الدور على المعلّمات والمعلّمين. فبعد تنظيمهم للإنتخابات النيابيّة الأخيرة، تم إعلام الأساتذة والمعلّمات بأن أجورهم قد أصبحت جاهزة، على أن يتمّ قبضها في يوم واحد، الثلاثاء حصرًا.

في محتسبية بعلبك، حضر المعلّمون منذ الصباح الباكر، بدأت العمليّة بإعطاء أرقام للحاضرين يتم على أساسها الدفع، لكن لم تلبث العمليّة أن تحوّلت إلى فوضى عارمة، وتدافع اختلط فيه الشباب بالشيب، والذكور بالإناث في مشهد معيب بحق مربي الأجيال.

ومع كل دقيقة تمرّ، كان الإزدحام يزيد، والفوضى تكبر، والصراخ يرتفع، وعبثًا يحاول أفراد الأمن فرض النظام بين بحور المتدافعين.

وعلى الطريقة اللبنانيّة يحاول البعض فرض سطوته على الباقين لخلفية حزبية أو وظيفيّة، وعندما يرفض الأمن تفضيله على غيره، يعمد إلى إجراء اتصال هاتفي يكون كفيلًا بفتح الأبواب المغلّقة.

بين الصراخ والتدافع وإيصال داخل وإيصال خارج، تمر الساعات بطيئة حتى يأتيك الفرج لتأخذ إيصالك وتقبض الأموال الطائلة -حوالي ١٠٠ دولار- التي كنت تصارع من أجلها منذ الصباح.

التدافع لم ينته، فللخروج عليك الخوض عكس التيّار، بين الأمواج البشرية، وآخر المغامرات وأشدّها عند التدافع للخروج من الباب، فحين يفتح لك رجل الأمن الباب للخروج سيحاول العشرات الدخول منه، العشرات الذين يتنظرون خارجًا غير الأمواج البشرية الموجودة داخل المبنى.

فأي ذنب ارتكب هؤلاء المربّون حتى يتمّ التعامل معهم بهذه الطريقة المهينة والمذلّة، ألا يكفي أنهم يعملون بشكل شبه مجّاني برواتب لا تكفي لشراء الخبز؟؟ وللخبز طوابير أخرى ومهانة جديدة.

الدولار يلامس ال ٢٠ ألف والأسعار ما زالت على ٣٣ ألف والدولة غائبة

بابتسامة فيها الكثير من السذاجة استقبل المواطن انهيار سعر الصرف من ٣٣ ألف ليرة لبنانيّة، إلى حوالي ال ٢٠ ألف ليرة لبنانية. سذاجة المصدّق أن السلطة في هذا البلد نجحت في لجم ارتفاع الدولار، وأن الانهيار الحاصل في سعر الصرف سيستتبع حكمًا انخفاض أسعار السلع الغذائية واللحوم ومشتقّات النفط. لكن ما حصل هو بخلاف هذا، فالأسعار بقيت على حالها كما ولو أن سعر الصرف ما زال ٣٣ ألف ليرة لبنانيّة.

بجولة صغيرة على المحلات والمتاجر نتأكد بأن أسعار اللحوم والمواد الغذائية والمشتقّات النفطيّة ما زالت على ارتفاعها غير المنطقي في بلد ضاع منه كل منطق. وبغياب كل رقابة مسبقة أو لاحقة على أسعار المبيع من الدولة.

عمليّا ما حصل أن من يملك دولارًا، انخفضت القدرة الشرائية لهذا الدولار بنسبة تقارب ال ٤٠٪، دون أن تزيد القدرة الشرائية لمن يملك العملة المحليّة بقيد أنملة. أي بإمكاننا القول أنه عملية Haircut مقنّعة على الدولار بيد الناس.

والغريب في هذا الموضوع أن الناس قد صدّقت هذا الهبوط فاندفعت لبيع دولاراتها في السوق خوفًا من الانهيار القادم، فأصبح سعر الصرف في السوق السوداء أقل من سعر الصرف على المنصة الرسميّة.

تحدثوا كثيرًا في الماضي عن الدولارات في المنازل، وعن رغبتهم في الحصول عليها، ويبدو أنهم ينجحون في ذلك.

                       محمد ه إسماعيل

 

إلى متى سيستمر إذلال القوى العسكرية وموظفي القطاع العام أمام المصارف؟

طوابير الذل أمام المصارف

يبدو أنه لم يعد يكفي منظر الطوابير أمام مكنات الصرف الآلي ATM في بداية كل شهر كي يحصل بعدها العسكري أو موظف القطاع العام على راتبه الذي خسر حوالي ال ٩٥٪ من قيمته، وفي بعض الأحيان تفرغ المكنات من الأموال قبل حصول الجميع على رواتبهم، كما يتم تجزئة المبلغ في أغلب الأحيان. اليوم أضيف إلى ذله ذلّا جديدًا أمام أبواب المصارف بعد بدعة قبض الراتب مع امكانية تحويله لشراء الدولار على قيمة السعر اليومي للمنصة.

المصارف في كل دول العالم تمثل الأمان للمواطنين وأموالهم، وفي لبنان تمثل ضياع أموال المودعين، وذل لأصحاب الرواتب.

المشهد اليوم كان مؤلمًا وصادمًا، جحافل من عناصر الجيش والقوى الأمنية والمعلّمين وباقي موظفي القطاع العام، منهم من لم يزل في عمر الشباب ومنهم المتقاعدون الذين أفنوا سنينهم في خدمة هذا الوطن ليكافئوا بعظها بالذل والهوان. كلهم يطمعون في أن يصلوا إلى كونتوار البنك ليقبضوا راتبهم بالدولار، والذي يحتسب على سعر المنصة، طمعًا بمبلغ إضافي على رواتبهم لا يتجاوز ال ٥٠٠ ألف ليرة لبنانية في أحسن الحالات وهو فارق سعر الصرف.

صراخ، تدافع، حشر، عصر، ذل بأبشع أشكاله، لا يميز عسكري من مدني، ذكر من أنثى وشاب من عجوز. إنه الهوان بأبشع أشكاله، والذل بصورته الأقبح.

آه يا وطن الشمس والحياة، ماذا فعلوا بك، بعد أن كنت قِبلة الشعوب أصبح شعبك مضرب المثل بالذل والفقر والجوع والمرض.

محمد ه إسماعيل

 

أيها الزاحفون نحو بطاقات التشريج …. ارجعوا
بطاقات تشريج ألفا وتاتش

طوابير جديدة برزت في الأيام القليلة الماضية بعد طوابير الخبز والبنزين، إنها طوابير بطاقات التشريج. وما شجّع هذه الظاهرة المستحدثة هو الهروب من طمع التجار، والطمع بمنافستهم في الوقت عينه.

فكثير من التجّار وأصحاب المحلات بدأوا بزيادة سعر مبيع التشريج بحجة تغطية المصاريف المستحدثة حتى وصل سعر مبيع تشريجة ال ٢٥ دولار في بعض المناطق إلى حوالي ٥٥ ألف أي بزيادة ١٥ ألف ليرة عن السعر المتعارف عليه.

والسبب الأكثر أهمية وراء طوابير التشريج هو إيمان الناس أن سعر التشريج سوف يزيد وبالتالي هم يخزنوها على سعرها اليوم لاستعمالها لاحقًا، أو حتى الاتجار بها عندما يرتفع ثمنها، لا سيما وأن تاريخ صلاحية بطاقات التشريج يصل لسنتين. فهل رهان هولاء صحيح؟

الإجابة حددها وزير الاتصالات اللبناني، فالوزير قد  أكد أن سعر خدمة الاتصالات لن يبقى على حاله، لكنه أكد في الوقت عينه أن من يخزنون بطاقات التشريج لن يحققوا أي ربح في المستقبل، إذ أن سعر البطاقة سيبقى كما هو وإنما ستنقص قيمتها الخدماتية.

لنبسّط الأمور أكثر للمواطنين، لنفرض انك خزّنت بطاقة ال ٢٥ دولار التي تستعمل لتشريج شهر أيام و٢٢ دولار اليوم. ستظلّ البطاقة بنفس السعر لكنها على الأرجح ستعطيك عدد أيام أقل وعدد دقائق تخابر أقل أيضًا. وإذا أردت أن تحصل على نفس عدد الأيام والدقائق التي تؤمنها تشريجة ال ٤٠ ألف ليرة اليوم، فعليك أن تشتري تشريجة أكبر في المستقبل.

فيا أيها المواطنون، تخزينكم للتشريج وتهافتكم على شرائه اليوم، لن يمنحكم أي حصانة غدًا، ولن يكون في أي حال من الأحوال تجارة رابحة لكم.

ونختم هنا بآخر ما قاله وزير الاتصالات جوني قرم حول هذا الموضوع: “عندما نصل إلى مرحلة رفع الأسعار، سأطلب أن توضع خطة مدروسة بشكل أن يكون تأثير هذا الارتفاع في المواطنين ذوي الدخل المحدود بسيطاً، وأن يكون الارتفاع نسبيا”. 

              محمد ه إسماعيل

 

 

متى سيرفع الدعم عن قطاعي الاتصالات والكهرباء؟

ما من عاقل في هذا البلد إلا ويعلم علم اليقين أن رفع الدعم عن قطاعي الكهرباء والاتصالات هو مسألة وقت لا أكثر. فبعد رفع الدعم عن المحروقات والغذاء والدواء فإن الدور القادم هو على الكهرباء والاتصالات.


في الكهرباء كان لافتًا تصريح وزير الطاقة حول مشروع تأمين الكهرباء بسعر أرخص من سعر مولدات الاشتراكات الخاصة كما أكّد عزم الدولة على رفع تعرفة الكهرباء بما يتلاءم مع زيادة الكلفة مع تضخّم سعر الدولار نسبة لسعر الصرف الرسمي.


أما في الاتصالات، وعلى الرغم من نفي وزير الاتصالات بين الفينة والأخرى فقدان بطاقات التشريج، إلا أنه لم ينفِ أن تسعير هذه البطاقات على ال ١٥٠٠ ليرة لبنانية سيصبح قريبًا من الماضي الجميل، واليوم نرى تهافت المواطنين على شراء بطاقات التشريج بشكل غير مسبوق.


وكما حصل في طوابير البنزين من سوء خدمة وانقطاع للمادة ما سهّل قبول الناس برفع الدعم شرط انتهاء هذه الطوابير، وكما انقطع الدواء تمهيدًا لرفع الدعم عنه بداية مع الوزير السابق واستكمالًا مع الوزير الحالي، فإن الانقطاع المتواصل في الكهرباء، والخدمة الرديئة جدًا في الاتصالات، يمثّلان المدخل لهذه السلطة في رفع الدعم عن هذين القطاعين.


إذن، سيتم رفع الدعم عن الكهرباء والاتصالات في القريب العاجل جدًا إذا تيقّن أصحاب القرار أن لا انتخابات نيابية قادمة، وقد يتم تأجيله إلى بعد الانتخابات على أبعد تقدير كي لا يؤثر على قرار الناخبين. فرفع الدعم هو أحد الشروط الأساسية لصندوق النقد الدولي، والدولة تحاول من خلال رفعه إثبات قدرتها على تلبية شروط هذا البنك طمعًا بالحصول على بضعة مليارات منه.

محمد ه إسماعيل