منذ انطلاقها، ارتبطت مهرجانات بعلبك الدولية بقلعة بعلبك التاريخية ومدينة بعلبك العريقة. لم تكن هذه المهرجانات مجرد حفلات موسيقية، بل كانت تجسيدًا لروح المدينة وصمود أهلها، حيث استمدت قوتها وجاذبيتها من هذا الموقع الجغرافي الفريد الذي يجمع بين الأصالة والتاريخ. ويجب على اللجنة المنظمة أن تعي أن مهرجانات بعلبك الدولية ليست مجرد اسم لمهرجانات، بل هي متجذرة بإسم وموقع وتاريخ بعلبك وقلعتها.
مدينة بعلبك وأهلها لديهم تاريخ طويل من الصمود والمثابرة. فقد تعرضت هذه المدينة على مر العصور للعديد من التحديات، لكن أهلها دائمًا ما كانوا ينهضون من جديد، مؤكدين على حبهم للحياة وتمسكهم بتراثهم الثقافي الغني. من هنا، كانت المهرجانات الدولية تمثل رمزًا لهذه الروح القوية، حيث تتجمع الأنغام والموسيقى لتعبر عن هذا الصمود والتفاؤل.
في الشهور الأخيرة، شهدت المنطقة ظروفًا أمنية صعبة جعلت من إقامة المهرجانات في قلعة بعلبك تحديًا كبيرًا. لكن يبقى السؤال: هل كان من الأفضل نقل المهرجان إلى بيروت، مما يفقده جوهره ومغزاه التاريخي؟ أم كان من الأجدى إلغاؤه هذا العام حفاظًا على رمزيته العميقة؟
مدينة بعلبك ليست مجرد مكان، بل هي رمز للصمود والثقافة والتاريخ. على مر السنين، عاش أهل بعلبك ظروفًا قاسية، لكنهم لم يفقدوا أبدًا حبهم للحياة وحرصهم على الاحتفال بتراثهم. المهرجانات كانت دائمًا رمزًا لهذه الروح القوية، وكانت قلعة بعلبك خلفية مثالية لهذه الاحتفالات، حيث تجتمع الأصوات والألحان لتروي قصة المدينة وأهلها.
البيان الصادر عن لجنة مهرجانات بعلبك الدولية يشير إلى أهمية الثقافة كحافز للوحدة والسلام. لكن، يمكننا التساؤل: هل تتحقق هذه الرسالة فعلًا إذا نقلنا المهرجان إلى بيروت؟ أم أن قوة الرسالة تكمن في ارتباطها بالموقع الأصلي للمهرجان؟
في الختام، نتمنى أن تعود مهرجانات بعلبك إلى موقعها الأصلي، ونحن إذ نفهم القلق الأمني ورغبة إدارة المهرجان في الحفاظ على سلامة الحضور، لكن رمزية إقامة المهرجان في بعلبك لا يمكن تجاهلها. بعلبك ليست مجرد مدينة، إنها رمز للصمود والإصرار كما للأمل والسلام، ونقل المهرجان يفقده جزءًا من هذا الإرث العريق. وكما قال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى العام الماضي: “المهرجانات تستمد أهميتها من عظمة بعلبك وبهائها، فالمجد يستقى من بعلبك”.