هل تكون انتخابات ٢٠٢٢ فرصة لبروز زعامات سنيّة جديدة؟

لا شك أن غياب الرئيس سعد الحريري وتياره رسميًا عن الانتخابات النيابيّة القادمة، قد ترك فراغًا كبيرًا يسعى الكثيرون لأن يملأوه، من زعامات سنيّة قديمة كانت أقل حظوة من الحريري، إلى أشخاص جدد أفرزتهم الثورة والحراكات المدنيّة. فيما تبدو فرصة بروز شخصيّات نيابيّة جديدة عند الشيعة والطائفة المسيحيّة أمرًا مستبعدًا.

عند الشيعة، يعلم أشد المناوئون للثنائي أن فرصة اختطاف ولو مقعدًا واحدًا هو أمر عسير جدًا حتى في المناطق ذات الأغلبية المسيحيّة. فالقاعدة الشعبية العريضة التي يملكها الثنائي، والقدرة الفائقة على ضبط وتوجيه شارعه، يغلق أي ثغرة ممكنة. إذ لديه القدرة على اختيار مرشحيه دون الرجوع إلى خيارات وتفضيلات ناخبيه، بل يذهب حتى ضد هذه الرغبات في كثير من الأحيان، دون أن يؤثر ذلك على تصويت جمهوره.

لدى الطائفة المسيحيّة، قد يتبدل عدد المقاعد بين الأحزاب المسيحيّة (التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية، حزب الكتائب، حزب المردة)، لكن ما سيخسره حزب سيكسبه حزب تقليدي آخر، خاصة وأن ما دعي بحراك الثورة قد أفرز في النتيحة مرشّحين من نواب تقليديين وأبنائهم. وإذا كان البعض يجزم أن التيار الوطني الحر سيكون الخاسر الأكبر، وستصبح كتلة نواب القوات اللبنانيّة هي الأكبر في البرلمان القادم، في حين أن مصادر التيار الوطني ما زالت تؤمن بإمكانيته في الحفاظ على الغلبة الحاليّة.

انسحاب الرئيس سعد الحريي وتيّاره، قد قلب كل الأدوار عند السنّة، وإذا كانت الثورة قد انهزمت مسيحيّا أمام الأحزاب، فإن فرصة السنّة في نخبة جديدة، تبدو الأبرز، لا سيما وأن الزعامات السنيّة التقليدية (كرامي، ميقاتي، مخزومي،مراد….) هي قوى ذات تمثيل ضعيف، وتعتمد عادة على التحالفات مع الأحزاب والطوائف الأخرى لدخول الندوة البرلمانيّة. وإن كان جليًا أن بهاء الحريري يسعى لوراثة أخيه سياسيّا، فإن القدرة على تحقيق ذلك تبدو من ضروب الخيال، مع ابتعاده كل هذه السنوات عن الساحة اللبنانية.

أما عند الدروز فما زالت الصورة ضبابية بانتظار تشكيل التحالفات واللوائح.

إذن، وحتى الآن وفي غياب مرشحين شيعة قد يشكلون خطرًا على الثنائي، تبقى المنافسة محتدمة ومحمومة عند الآخرين، بانتظار الانتخابات (إن حصلت) لتعرف حينها الكتل بأحجامها الحقيقيّة، وتأثيرها على حظوظ الشخصيات الأبرز في تبوّؤ سدّة الرئاستين الأولى والثانية.

ومن يعلم؟! فقد يقلب الرئيس سعد الحريري الطاولة مرة ثانية بقرار عكسي يلغي مفاعيل القرار الحالي بالابتعاد.

بعلبك تتحضّر للإنتخابات بلا كهرباء ولا ماء ولا طرقات
انتخابات ٢٠٢٢

يجزم المراقبون أن عملية إجراء انتخابات نيابيّة هي مستحيلة لوجستيّا في مدينة لا ترى الكهرباء، وفي حين يضع المسؤولون اللوم على الإدارة الفاشلة لملف الطاقة، وسياسات محليّة سابقة، وحصار دولي حالي، يهمس البعض أن هذا الانقطاع هو النافذة التي ستعمد السلطة من خلالها إلى تطيير العملية الانتخابية بالكامل.

وبغضّ النظر عن الأسباب، فإن أهل بعلبك الهرمل يعانون من انقطاع شبه شامل في الكهرباء، إذ يستمر انقطاعها أيامًا كاملة، ليأتي بعدها التيّار لمدة قصير تتراوح بين البضعة دقائق في بعض الأحياء، إلى حوالي الساعتين في الأحياء المرضي عنها. ولعل أكثر ما يثير استياء المواطنين هو حملات الشكر التي تنطلق بإسم النائب فلان أو الزعيم الفلاني الذي أجبر شركة الكهرباء على تأمين التيار الكهربائي، وغالبًا ما تعود الكهرباء للانقطاع قبل انتهاء هذه الحملات.

ومع انقطاع الكهرباء المستمر، وغلاء المشتقطات النفطيّة، عمد أغلب الناس ألى تخفيض اشتراكاتهم في المولدات الخاصة أو إلى إلغائها في أكثر الحالات. ليعتمد الناس بشكل على كهرباء الدولة في سحب المياه إلى خزاناتهم، سواء أكانوا يملكون الآبار الارتوازية أو مجرد خزانات أرضية. وانقطاع الكهرباء المستمر يؤدي إلى حرمان المواطنين من المياه النظيفة، وبالتالي الحرمان من الغُسل والغسيل والنظافة.

أما طرقات المدينة، فحدّث ولا حرج، فبين الحفرة والحفرة حُفَر، والحفر تزداد ثقة بالنفس مع الوقت فتتحول لأودية وأخاديد، وتكفي رحلة واحدة بالسيارة على طريق السندباد نحلة في بعلبك حتى ترى الشياطين في باطن الأرض عند نزولك في كل حفرة، فتتوهّم أنك تعيش في جهنم وليس في قطعة سماء اسمها لبنان.

فهل يحاسب الناس نوابهم يوم الانتخابات؟ أم أن كل هذا لا يهم، والمواطنون سيترفعون عن هذه الصغائر، وكل همومهم ستزول عندما سيجددون لنوابهم، بعد أخذ هؤلاء النواب الصورة التذكاريّة الشهيرة، بابتساماتهم الساحرة في قلعة بعلبك؟ سننتظر ونرى.