رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع: الإعلام والفتنة الأهلية
ثمة تلازم بين التصعيد السياسي – الطوائفي والتصعيد الاعلامي. فالعلاقات بين الطوائف متوترة وترتكز إلى قاعدة المخاوف والخشية. والحوار بين القوى السياسية وتحديدا بين الفريقين المتنافسين على الرئاسة الاولى معدوم. كما أن المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة تملك أغطية سياسية وطوائفية إضافة إلى سحر الإغواء الذي تمتلكه الشاشات للسياسيين على اختلافهم.
يقودنا هذا التوصيف إلى أن الاعلام في لبنان له دور أساسي سواء في البناء أو الهدم حسب الوظيفة التي تعطى له وهذا ما كان استنتجه الإمام السيد موسى الصدر في توصيف دور الإعلام في الحرب الأهلية وفي تعزيز الفتنة الأهلية حيث المستفيد الوحيد منها هو العدو الاسرائيلي.
وهذا التلازم بين الإثارة السياسية والإعلامية شهدناه بوضوح في حادثة الكحالة حيث كدنا نقترب من فتنة أهلية لولا حكمة البعض وحرص المؤسسة العسكرية وقائدها العماد جوزف عون. وحيث لا مخرج إلا بالإعتدال وفي لجم الإندفاعات الطوائفية الطائشة على اختلافها.
في قانون الإعلام المرئي والمسموع وفي القوانين اللبنانية عموما الاعلام المرئي والمسموع هو اعلام حر. وهذه ميزة للبنان تميزه عن محيطه. لكن الاعلام الحر وفقا لهذا القانون ينبغي أن يكون موضوعيا ويعتمد على المعلومة الدقيقة والمسنودة إلى مصدر موثوق. كما ينبغي أن يبتعد عن الإثارة الطوائفية والسياسية والدعوة إلى العنف في المجتمع. إنما عند وقوع المخالفة لهذه القواعد لا يطبق القانون لأكثر من سبب. فالإثارة الإعلامية محمية بالمعادلات الطوائفية. وليس هناك قرار حكومي واحد. فكل حكومة محكومة بمعادلات الطوائف. والمعالجة الفعلية تبدأ بحوار بين المكونات السياسية والطوائفية والإتفاق على الترويج للمشترك والسلم الأهلي. أما الدعوة لقطع البث عن هذه المحطة أو تلك فلن تؤدي إلا لتبادل قطع البث. من هنا الحاجة إلى تبريد الرؤوس الحامية في السياسة وفي الإعلام وإلى خطاب هادئ في المجالين قطعا لدابر الفتنة والحلول الطوائفية التي لا تبني طوائفها ولا تقيم وطنا واحدا بل وطنا تتجاذبه الحروب الأهلية والكانتونات.
وفي هذا السياق أدعو المؤسسات المرئية إلى استبعاد أي طوائفي عن شاشاتها وإعطاء مجال للنخب الفكرية الثقافية لنشر فكرة المواطنة ولوضع حد لمعادلة الحروب الأهلية المتكررة التي تقطعها هدنات مؤقتة.
أخيرا نظرية رفض الحوار بين اللبنانيين تستتبع تعطيل الحل الداخلي وتمكن واشنطن في الشأن اللبناني وهي ليست مستعجلة لايجاد مخرج لما نحن فيه.لأن في ذلك ما يناسب مصالحها.
عبد الهادي محفوظ