اعادة هيكلة المصارف في لبنان.. الصعوبات والتحديات ومدى القدرة على حماية أموال المودعين

مصرف لبنان

تحولت مصارف لبنان بعد تشرين 2019 الى قطاع شبه منهار مع امتناعها عن صرف أموال المودعين وذلك بعد تورطها في العديد من الجرائم المالية وقضايا الفساد، وعليه كثر الحديث عن “اعادة هيكلة المصارف” لما له من انعكاسات على مستقبل القطاع المصرفي اللبناني وانقاذ البلد من أزمته المالية القاسية خصوصاً وأن اعادة الهيكلة تعد أحد المطالب الأساسية لصندوق النقد الدولي.

يعتبر مصطلح “اعادة الهيكلة” أنه الإجراء الذي تقوم به الشركة أو الدولة عند رغبتها في تعديل ديونها أو عملياتها أو هيكلها التنظيمي، وذلك بهدف الحدّ من الضرر المالي الذي تعاني منه خصوصاً عندما تواجه صعوبات في تسديد ديونها، فإنها غالباً ما تقوم بإعادة هيكلة الديون، مما يساعدها على سداد ديونها بدون تحمّل كلفة اضافية غالباً تكون فوائد لعدم قدرتها على السداد.

تقنياً تنطلق عملية إعادة هيكلة القطاع المصرفي من خلال تشكيل لجنة فنية يمكن ان تتألف من ممثلين عن مصرف لبنان، لجنة الرقابة على المصارف ووزارة المالية، مهمّتها تسوية أوضاع المصارف حيث تبدأ عملها بدرس حالة كل مصرف على حدة وتحديد حجم أمواله الخاصة ومدى قدرته على الاستمرار، ومن ثم تنفيذ عملية الإنقاذ وعملية الهيكلة وفقاً لإطار إعادة الهيكلة المعتمد من الحكومة وصولاً الى اتخاذ قرار تصفية بعض البنوك إذا لزم الأمر، ودمج بعضها الآخر او إصلاح ميزانياتها.

في حالة التصفية الذاتية للمصرف، الآلية تفترض بأن تصبح موجودات المصرف المطلوب تصفيته في حوذة مصرف لبنان حيث يتعهد الأخير تسديد المطلوبات لحماية الودائع مستعيناً بمؤسسة ضمان الودائع. لكن هذه الحالة مشروطة بأن تكون موجودات المصرف أكثر من مطلوباته، وإلا فيتوجب على أعضاء مجلس إدارة المصرف تغطية الفرق من أموالهم الخاصة. يذكر أن مجلس ادارة جمال ترست بنك ش. م. ل اضطر اتخاذ القرار بالتصفية الذاتية بالتنسيق الكامل مع مصرف لبنان على ضوء قرار الخزانة الأميركية القاضي بإدراجه على قائمة الSDGT بتاريخ 29 أب 2019، على الرغم من سلامة وضعه المالي المؤكد في تقارير مفوضي المراقبة وامتثاله التام للقواعد والاصول المصرفية المحلية والخارجية. قراءة المزيد

دانيال حاتم تنشر التوعية حول كافة الأوضاع الإقتصادية عبر “ddoesbusiness”
دانيال حاتم

دانيال حاتم، محللة اقتصادية تقوم بنشر التوعية حول كافة الأوضاع الإقتصادية في لبنان والعالم.

وتعمقت حاتم في تحليل وتفنيد تفاصيل الأزمة الإقتصادية في لبنان، حيث تطلع المتابعين بشكل يومي على آخر المستجدات فيما خص موضوع سعر الصرف وكل المؤشرات الاقتصادية. هذا وقدمت حاتم عدداً من المحاضرات الاقتصادية في أكثر من جامعة تناولت فيها الأوضاع الاقتصادية بالإضافة الى مفهوم العملات الرقمية ومستقبلها.

وفي حديث لها عن رؤيتها للحل والنهوض الاقتصادي اعتبرت دانيال حاتم أنه لا مفر من الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي لأنها الطريقة الوحيدة لضخ العملات الصعبة في القطاعات الانتاجية الأساسية واعادة بناء الاقتصاد واستعادة الثقة المطلوبة. وهنا لا بد من التركيز على القطاعين الصحي والتربوي اللذين تأثرا بهجرة الأطباء والمعلمين، لذلك ومع استعادة الثقة لا بد من استعادة الطاقات التي هاجرت لإعادة بناء هذه القطاعات على أسس ثابتة.

كما وأنه لا يمكن فصل الحل السياسي عن الاقتصاد عبر استعادة علاقات لبنان مع دول الخليج التي تأثرت بالسياسات الخاطئة التي أوصلتنا الى ما نحن عليه اليوم. المطلوب البدء ببناء اقتصاد منتج باكتفاء ذاتي والابتعاد عن السياسات المالية التي أدت الى تدهور الوضع لا سيما مع الهندسات المالية منذ العام ٢٠١٦. نحن بنينا اقتصادنا على أسس هشة ما أدى الى انهيار الوضع بالشكل الذي نراه اليوم.

وعن سعر الصرف رأت حاتم ان تراجع سعر الصرف يعود لضخ مصرف لبنان كمية من الدولارات في السوق دون أن نعرف مصدرها بالتحديد. 

والسؤال المطروح إلى متى سيتمكن مصرف لبنان من الاستمرار بضخ هذه الأموال لتخفيض سعر الصرف؟

تختم حاتم، بأنه لا حلّ إلا بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والمباشرة فوراً باعتماد الإصلاحات وتطبيقها.

لمتابعة آخر التطورات الاقتصادية في لبنان والعالم العربي عبر صفحة ” ddoesbusiness” على انستغرام.

الدولار يلامس ال ٢٠ ألف والأسعار ما زالت على ٣٣ ألف والدولة غائبة

بابتسامة فيها الكثير من السذاجة استقبل المواطن انهيار سعر الصرف من ٣٣ ألف ليرة لبنانيّة، إلى حوالي ال ٢٠ ألف ليرة لبنانية. سذاجة المصدّق أن السلطة في هذا البلد نجحت في لجم ارتفاع الدولار، وأن الانهيار الحاصل في سعر الصرف سيستتبع حكمًا انخفاض أسعار السلع الغذائية واللحوم ومشتقّات النفط. لكن ما حصل هو بخلاف هذا، فالأسعار بقيت على حالها كما ولو أن سعر الصرف ما زال ٣٣ ألف ليرة لبنانيّة.

بجولة صغيرة على المحلات والمتاجر نتأكد بأن أسعار اللحوم والمواد الغذائية والمشتقّات النفطيّة ما زالت على ارتفاعها غير المنطقي في بلد ضاع منه كل منطق. وبغياب كل رقابة مسبقة أو لاحقة على أسعار المبيع من الدولة.

عمليّا ما حصل أن من يملك دولارًا، انخفضت القدرة الشرائية لهذا الدولار بنسبة تقارب ال ٤٠٪، دون أن تزيد القدرة الشرائية لمن يملك العملة المحليّة بقيد أنملة. أي بإمكاننا القول أنه عملية Haircut مقنّعة على الدولار بيد الناس.

والغريب في هذا الموضوع أن الناس قد صدّقت هذا الهبوط فاندفعت لبيع دولاراتها في السوق خوفًا من الانهيار القادم، فأصبح سعر الصرف في السوق السوداء أقل من سعر الصرف على المنصة الرسميّة.

تحدثوا كثيرًا في الماضي عن الدولارات في المنازل، وعن رغبتهم في الحصول عليها، ويبدو أنهم ينجحون في ذلك.

                       محمد ه إسماعيل

 

الضريبة السنوية لإيلون ماسك هي ١١ مليار دولار

ايلون ماسك

أرقام فلكية مثيرة للجدل، هكذا يخرج الملياردير الأميركي إيلون ماسك، بين الحين والآخر، ليخطف أنظار متابعيه ليس من عالم الأعمال فحسب وإنما الشغوفين أيضا بمعرفة كيف نجح هذا الرجل في كسر الكثير من الثوابت الاقتصادية والمالية وأضحت ثروته تتدفق من بين أفكار لطالما كانت مجرد مشاهد في مسلسلات وأفلام خيال علمي قبل عقود.

ظهور ماسك هذه المرة لم يكن للإعلان عن حجم ثروته، إذ يقترب من وضعه على قائمة أول تريليونير في العالم، وإنما كأكبر دافع للضرائب في تاريخ الولايات المتحدة، صاحبة أكبر اقتصاد على وجه الكرة الأرضية، حيث أباطرة المال وصناع القرار في مختلف الأنشطة الاقتصادية.

11 مليار دولار، ينتظر أن يسددها الرئيس التنفيذي لشركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية، وفق ما أعلنه ماسك على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، وهو المبلغ الذي من الممكن أن يعتبر مستوى قياسيا بالنسبة لسداد مدفوعات لدائرة الإيرادات الداخلية في الولايات المتحدة، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الإثنين.

قال في نص التغريدة: “إلى أولئك الذين يسألون، سأسدد ضرائب تفوق الـ 11 مليار دولار خلال العام الجاري”. وجاء مبلغ الضريبة العالية بطريقة استثنائية بعدما قام ماسك بتفعيل ما يقرب من 15 مليونا من عقود الخيارات وقام ببيع الملايين من الأسهم.

وجاء إعلان ماسك عن سداد المبلغ الضخم من الضرائب، ردا على تغريدة كتبتها السناتور إليزابيث وارن من ولاية ماساتشوستس، بعد حصول ماسك على جائزة “شخصية العام” من مجلة “تايم” في وقت سابق من الشهر الجاري، حيث وجهت وارين انتقادات إلى ماسك بشأن الضرائب الخاصة به.

وكتب الملياردير الأميركي في تغريدة له ردأ على هذه الانتقادات: “في حال قمت بفتح عينيك لمدة ثانيتين، ستدرك أنني سأقوم بسداد ضرائب تفوق أي شخص أميركي في التاريخ خلال العام الجاري”.

الدولار إلى أرقام قياسيّة جديدة

الدولار إلى أرقام قياسيّة جديدة

شهدت التسعيرة الأخيرة للمشتقات النفطيّة صدمة كبيرة بين الناس، فبخلاف كل التوقعّات بأن يتم رفع ما تبقى من دعم على مرحلتين، كان القرار برفع الدعم كليًا وفورًا، وارتفاع سعر صفيحة البنزين ٦٠ ألف ليرة مرة واحدة، كالصاعقة التي ضربت حقل قمح يابس. إذ أصبح كل ما يحتاجه المواطن اللبناني في حياته اليوميّة مرتبطًا بالدولار الأمريكي وسوقه السوداء، وهذا ما يرجح ارتفاع سعر صرفه لأرقام قياسيّة جديدة. 

في الأصل عندما تتعرض دولة ما لانهيار في عملتها، يعمد المصرف المركزي فيها إلى حصر التعامل التجاري بالعملة المحليّة، كي يخفّف الطلب على العملة الأجنبية ويحدّ من ارتفاع قيمتها، ويعتبر التداول بالعملات الأجنبية جريمة يعاقب عليها القانون. أما في لبنان الفريد من نوعه وبحكّامه، الموضوع بالعكس تمامًا، فالدولة قد أوقفت الدعم كليًا، وربطت شراء كل المواد الأساسيّة في البلد بالدولار، والأنكى أن المقصود بالدولار هنا هو دولار السوق السوداء وليس حسب سعر الصرف الرسمي. كما أن مختلف التجّار قد ربطوا بيع بضائعهم بالدولار حصرًا لحماية أنفسهم من عدم استقرار سعر الصرف.

إذا أضفنا إلى هذا كلّه قرار مصرف لبنان بايقاف العمل بالمنصة التي كان يبيع عبرها الدولار للتجّار، ما سيدفع التجّار إلى السوق السوداء لشراء حاجتهم من الدولار بسعر أعلى.

كل هذا يعني أن الطلب على الدولار سيزداد كثيرًا في الفترة القادمة، وبالتالي سوف يرتفع سعر صرفه بصورة جنونيّة. 

قلّما نجد دولة تخلّت عن مسؤولياتها تجاه شعبها كالدولة اللبنانية، فمع رفع الدعم عن الدواء والغذاء والمشتقّات النفطية، ومع إغلاق مصرف لبنان منصة بيع الدولار، ومع عدم توفير البطاقة التموينيّة التي طال الحديث عنها، يدفع المواطن اللبناني وحيدًا الثمن من حياته، وحقوقه الوظيفيّة، ومدّخراته المصرفية، وأمانه الاجتماعي، مقابل دولار يحلّق تاركًا وراءه أحلام وآمال وأماني هذا المواطن التي أصبحت في التراب. 

 

محمد اسماعيل – باحث اقتصادي