ما هو التوقيت الصيفي؟ وهل هو التوقيت العالمي الموحّد؟
بعد البلبلة الكبيرة التي حصلت في موضوع تأخير تطبيق التوقيت الصيفي في لبنان، وما سببه من شرخ الطائفي أدى إلى انقسام البلد عاموديًا بين مسلمين ومسيحيين، نحاول اليوم أن نضيء على هذا الموضوع بطريقة علميّة وموضوعية. فالتوقيت الصيفي (DST) هو عمليّة تتضمن تحريك الساعة للأمام لمدة ساعة واحدة بغية الاستفادة من ساعات النهار التي أصبحت أطول. لكن التوقيت الصيفي ليس نظامًا معياريًا دوليًا للتوقيت، ويختلف استخدامه بين بلد وآخر تبعًا لمصالح هذا البلد الداخليّة. تم اعتماد التوقيت الصيفي في لبنان منذ عام ١٩٢٠، مع اختلاف تواريخ البداية والنهاية من عام إلى آخر.
لا يستخدم التوقيت الصيفي إلا حوالي ٤٠٪ من دول العالم. ويتم استخدام التوقيت الصيفي لأسباب متنوعة، بما في ذلك الحفاظ على الطاقة عبر إطالة ساعات النهار، والفوائد الاقتصادية من ساعات النهار الطويلة ومخاوف تتعلّق بالسلامة العامة. يمكن للبلدان تقليل استهلاك الطاقة والطلب على الكهرباء خلال ساعات الذروة من خلال تطوير الساعة بساعة واحدة خلال أشهر الصيف. علاوة على ذلك، يمكن أن تشجع ساعات النهار الأطول الأنشطة الخارجية وتعزز الاقتصاد، لا سيما في صناعة السياحة، كما تساهم ساعات النهار الطويلة في تخفيض نسبة حوادث السير الليلية والتي تنجم عن انعدام الإضاءة.
بشكل عام، لا تختار أغلب البلدان التوقيت الصيفي. ويُتّخذ قرار تطبيقه من عدمه من قبل الدولة نفسها، ويتأثر هذا القرار بعدد من العوامل كالجغرافيا والطاقة والسلامة العامة. فالبلدان القريبة من خط الاستواء، على سبيل المثال، حيث لا يختلف طول النهار والليل بنفس القدر على مدار السنة، لن تستفيد من التوقيت الصيفي. علاوة على ذلك، دفعت المخاوف بشأن الآثار السلبية على الصحة والسلامة العامة، مثل أنماط النوم المعطّلة والتي تؤدي بدورها إلى زيادة حوادث المرور، بعض البلدان إلى التخلي عن التوقيت الصيفي أو إصدار تشريعات للقيام بذلك.
وعلى الرغم من هذه التحفظات، لا يزال لبنان يلتزم بالتوقيت الصيفي كوسيلة لحفظ الطاقة والاستفادة بشكل أفضل من ساعات النهار. قفي بلد يتسّم بانقطاع التيار الكهربائي أغلب الوقت، يمكن أن يلعب التوقيت الصيفي دورًا مهمًا في تقليل استهلاك الطاقة وتحسين الشبكة. علاوة على ذلك، نظرًا لموقع لبنان الجغرافي، يختلف طول الليل والنهار بشكل كبير على مدار العام، ما يؤكد فائدة التوقيت الصيفي.
وفي حين أن بعض البلدان الرئيسية، مثل الولايات المتحدة وكندا، قد اختارت عدم استخدام التوقيت الصيفي في مناطق محددة أو اقترحت مؤخراً إلغاء هذه الممارسة كلياً، فإن الأمر متروك في نهاية المطاف لكل بلد لكي يقرر ما إذا كان سيستخدم التوقيت الصيفي أم لا استناداً إلى ظروفه وأولوياته. ففي حين أن التوقيت الصيفي يمكن أن يكون مفيدًا، لا سيما في المجالات التي يمثل فيها استهلاك الطاقة مصدر قلق كبير، لا يوجد التزام دولي باتباع هذه الممارسة، ولا يوجد نظام توقيت عالمي موحد.
ختامًا، التوقيت الصيفي ليس توقيتًا عالميًا موحدًا ويختلف استخدامه حسب البلدان، ويحدد أهميته عدد من العوامل الخاصة بكل بلد. يُعتمد التوقيت الصيفي في لبنان للحفاظ على الطاقة والاستفادة بشكل أفضل من ساعات النهار. وعلى الرغم من بعض المخاوف بشأن الآثار على الصحة العامة والسلامة، فإن فوائد التوقيت الصيفي قد تفوق المخاطر في ظروف معينة.