التطرف السياسي: كيف تقوم الدولة اللبنانية بانتهاك الدستور لتحقيق أجنداتها؟
لأن القضية لا تتوقف عند مقال واحد ولأن قضية كل إمرأة لبنانية هي قضيتنا وبما أن وطننا ليس دائما على حق ولكن لا نستطيع أن نمارس حقا حقيقيا إلا في وطننا.
فلن نهدأ إلا حين إحقاق الحق وإعطاء الجنسية لأولاد اللبنانيات المتزوجات من أجنبي وعطفا على ذلك هذه الكتابة تستكمل ما توقفنا عنده وتتضمن فضائح بالجملة لدولة لا تفقه صغيرة ولا كبيرة.
فلنرى كيف خالفت الدولة اللبنانية الدستور في كل معنى الكلمة:
جاء في الفقرة “ب” من مقدمة الدستور:لبنان عربي الهوية والإنتماء, وهو عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها, كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء.
وتجدر الإشارة على أن لبنان صادق على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يكفل الحق بالجنسية حيث ذكر على أن كل دولة ملزمة بالاحترام والامتثال للمعايير والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان عند تنفيذ سياساتها المتعلقة في الجنسية.
ولكن لبنان تحفظ على المادة 9(2) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي تنص على أن تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية اطفالهما.
كما أن اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل نصت بشكل صريح على حق الطفل في الجنسية وعلى الرغم من ذلك لم يلتزم لبنان بهذه المواد.
وتجدر الإشارة على أن المادة “3” من القرار 15 لعام 1925 تنص على أنه يجوز أن يتخذ التابعية اللبنانية بموجب قرار من رئيس الدولة بعد التحقيق وبناء على طلب يقدمه:
1-الأجنبي الذي يثبت إقامته سحابة خمس سنوات غير منقطعة في لبنان
2-الأجنبي الذي يقترن بلبنانية ويثبت أنه اقام مدة سنة في لبنان اقامة غير منقطعة منذ اقترانه. 3-الاجنبي الذي يؤدي للبنان خدمات ذات شأن. ويجب أن يكون قبوله بموجب قرار مفصل الاسباب. لقد ألغيت هذه المادة بشروط بموجب قانون التجنس بالجنسية اللبنانية الصادر في 27 أيار 1939 معطوفا على القرار رقم 122/ل.ر. تاريخ 19 حزيران 1939 ثم ألغي قانون 27 أيار سنة 1939 بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 48 الصادر في 31/5/1940 المتعلق بشروط التجنس بالجنسية اللبنانية, الذي نصت مادته الأولى على التالي: “ألغي القانون الصادر في 27 أيار 1939 المتعلق بالجنسية اللبنانية.” وعليه ان المادة 3 من القرار 15 أصبحت نافذة ولا تزال سارية المفعول.
وينبغي الإشارة على ان الدولة اللبنانية قامت بمنح الجنسية اللبنانية لأجانب في فترات متعددة وآخرها كانت في 2018 حيث قامت الدولة بتجنيس 411 أجنبيا بشكل سري( وهذا يعني أن هذا المرسوم لم ينشر في الجريدة الرسمية وبالتالي هو ليس نافذا)
فإذا تم التغاضي عن هذا الأمر لا يمكن التغاضي على أن إذا اعتبرنا أن المادة 3 ملغاة فهذا يعني ليس هناك أي أساس قانوني عن كل قرارات التجنس التي صدرت عن الحكومة اللبنانية.
وينبغي الإشارة على أن بين الذين شملهم مرسوم التجنيس رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي: والدته لبنانية, أليس ينبغي إعطاء أولاد اللبنانيات المتزوجات من أجانب أيضا الجنسية اللبنانية أسوة به؟.
بالإضافة إلى ذلك تم تجنيس حوالي 300 سوري ,بما أن الدولة اللبنانية اللطيفة ذات القلب الدافئ جنست أشخاص من ام ليست لبنانية أليس أيضا ينبغي تجنيس ما تبقى من اللاجئين أسوة بالمادة 34 من اتفاقية الامم المتحدة لللاجئين التي تنص على أن تسهل الدول المتعاقدة بقدر الإمكان استيعاب اللاجئين ومنحهم جنسيتها… وهنا لا يمكن تناسي ما نصت عليه الفقرة”ب” من مقدمة الدستور.
وهنا يجدر العودة إلى مؤتمر الطاقة الاغترابية الاقليمي الثالث لشمالي أمريكا, حيث ألقى جبران باسيل كلمة مطولة جاء فيها:” نجحنا سياسيا في إسقاط توطين السوريين…”. وهذا يعبرعن شدة رفضه لتوطين السوريين. كما أنه صرح في وقت آخر على أنه مع إعطاء الجنسية لأولاد اللبنانية المتزوجة من أجنبي باستثناء السوري والفلسطيني.
لنعود إلى المرسوم السري للتجنيس الذي أقام بلبلة واسعة بعد نشره في الإعلام وحرك عددا من القوى السياسية لمواجهته كما أن العديد من الأحزاب اللبنانية لوحت بالطعن في المرسوم أمام الجهات القضائية المختصة لافتقاده الشفافية والميثاقية والشروط القانونية كما قالت, في المقابل اعتبر رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أن هدف الحملة ضد هذا المرسوم هو التهجم على رئيس الجمهورية كما انه طالب رئيس الجمهورية بالاستمرار في اعطاء الجنسية اللبنانية لمستحقيها, معتبرا كل تجنيس جماعي يوحي بوجود عملية توطين ويهدد الهوية امرا مرفوضا.
فهل برأي جبران باسيل هؤلاء الثلاثمائة شخص الأثرياء والذين لهم نفوذ سياسي هم فقط من يستحقون أخذ الجنسية؟.
فلا يمكن التغاضي عن فكرة أن هناك أسباب كبيرة جدا دعت الى اعطاء هؤلاء الجنسية, وإلا لماذا تسترت الدولة عن هذا المرسوم؟.
وأخيرا وليس آخرا, نطالب الدولة اللبنانية بشكل عام والمختصين بهذا الموضوع بشكل خاص إعطاء تفسيرا واضحا وصريحا عما يجول في صدر الدستور اللبناني من انتهاكات فادحة.
إعداد: ليليان مكية وفاطمة القنطار