رحيل رجال الإنسانية والواجب

وداعآ أيها الإنسان العظيم الذي رحل تاركآ بصمة في قلوبنا.
إنها لحظات مؤلمة وحزينة، رحل فيها عنا رجل قل نظيره، قائد بحجم الإنسانية، بلال، الذي كان تجسيدآ حقيقيآ لكل معاني النبل والتفاني. لا نستطيع اليوم أن نودعك بكلمات عابرة، فقد كنت أكثر من مجرد مدير، كنت أبآ لكل من عمل معك، وأخآ لكل من عرفك، وملجأ” آمنآ لكل من لجأ إليك في لحظات الخوف.
كيف لنا أن ننسى ابتسامتك التي كانت تضفي الأمل في أصعب اللحظات؟ وكيف لنا أن ننسى يديك الممتدتين دائمآ للمساعدة، دون أن تسأل عن هوية من يحتاج؟ كنت تحمل قلبآ كبيرآ يفيض بالحب والحنان، ولطالما كنت تعتبر عملك رسالة أكثر من كونه وظيفة، رسالة تحمل فيها أرواح الناس وتدافع عنهم كما لو أنهم أفراد من عائلتك.
لا يزال الناس يتذكرون تلك اللحظات التي كنت تركض فيها نحو الحريق بينما كان الآخرون يهربون منه. كنت تعرف جيدآ حجم الخطر، لكنك لم تكن يومآ ممن يحسبون حسابات النجاة، بل كان حسابك الأول هو حياة الآخرين. رأيناك تمسك بيد طفل مرعوب وسط الدخان، وتطمئن أمآ تبكي على مصير ابنها، ورأينا دموعك تذرف بصمت حين تفقد أحدآ لم تتمكن من إنقاذه، رغم أنك قدمت كل ما بوسعك وأكثر.
بلال، سيبقى اسمك محفورآ في ذاكرة كل من عرفك، نفتقدك اليوم أكثر مما يمكن للكلمات أن تعبر، ليس فقط لأنك قائد استثنائي، بل لأنك إنسان بامتياز.
اليوم، نقف أمامك بعيون دامعة وقلوب مثقلة بالحزن، نودعك ونحن على يقين بأنك لم ترحل، بل ارتقيت مع رفاقك إلى مكان يليق بشخص مثلك، ملائكي في إنسانيته وتفانيه. ستكون معنا في كل موقف صعب، نستمد من ذكراك القوة والعزيمة.
وداعآ أيها البطل، وداعآ أيها الإنسان. سنفتقدك كثيرآ، لكننا لن ننساك أبدآ. ستبقى في الذاكرة والوجدان، رمزآ للشجاعة والتضحية، وستظل سيرتك النقية حاضرة في قلوبنا ما حيينا.
رحم الله شهيدنا وأسكنه ورفاقه فسيح جناته، وجعل أرواحهم الطاهرة في أعلى عليين مع الشهداء والصديقين.

د. وشاح فرج