الحقائب المدرسيّة في لبنان: جبال على أكتاف أطفالنا والمسؤولية مشتركة

إضافة للأعباء الفكرية والنفسية التي يعاني منها أبناؤنا خلال دراستهم، تشكّل الحقائب المدرسيّة بكتبها الكثيرة والثقيلة، عبئًا جسديًا أكبر من قدرة هذه الأجساد الصغيرة والبريئة على تحمّله. فلبنان، كالعديد من البلدان الأخرى، يعاني من مشكلة تحمّل أكتاف الطلاب الصغار أعباء حقائبهم المدرسية الضخمة. ومن الضروري التحقيق في أسباب هذه المشكلة وتحديد المسؤوليات للخروج بحلول ناجعة.

يعدّ النظام التعليمي التقليدي في لبنان، الذي يركز بشكل كبير على الكتب المدرسية والمواد المطبوعة، أحد المساهمين الرئيسيين في تضخّم وزن الحقائب المدرسيّة. فدائمًا ما يحتاج الطلاب إلى العديد من الكتب المدرسية والمصنفات والدفاتر وغيرها من اللوازم لمتابعة فصولهم اليومية. وعلى الرغم من أن الهدف النبيل وهو توفير تجربة تعليمية شاملة، إلا أن تراكم المواد التعليمية يؤدي إلى حقائب ظهر محشوة أثقل مما يمكن للأطفال الصغار تحمّله جسديا.

ويشكل انعدام الخزائن الآمنة في العديد من المدارس اللبنانية عنصرًا آخرًا يفاقم هذه المشكلة، ويدفع الطلاب لحمل جميع كتبهم ودفاترهم طوال اليوم الدراسي، لأنهم يفتقرون للمكان الآمن للاحتفاظ بها. وهذا بلا شك يزيد بشكل كبير من وزن حقائبهم وبالتالي الضغط على أجسامهم الضعيفة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود نظام يحدد الحد الأقصى من الواجبات المنزلية، والحد الأقصى المسموح لوزن الحقائب المدرسية يضيف أيضا إلى المشكلة مشاكل. فعندما يبالغ المعلمون بإعطاء التلاميذ الكثير من الواجبات المنزلية، يؤدي هذا للحاجة للمزيد من الكتب والمراجع الإضافية. ولا بد للإشارة هنا إلى التفاوت في سياسات الواجبات المنزلية بين المدارس المختلفة.

من جهة أخرى يتحمّل الأهل مسؤولية كبيرة في هذا الموضوع، لأنهم مسؤولون بصورة مباشرة عن سلامة أبنائهم. وللإضاءة على الآثار المضرّة للحقائب المدرسية الكبيرة على صحة الأطفال وأدائهم الدراسي، يجب على الأهل متابعة الموضوع مع إدارات المدارس ومجالس الأهل لخلق حركة مطلبية لمعالجة هذا الموضوع الهام.
فمن أجل تخفيف العبء البدني على الطلاب، تحتاج المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى إلى إعطاء الأولوية لهذه المشكلة واتخاذ تدابير استباقية في هذا الشأن. من خلال تأمين مكانا آمنا للطلاب لتخزين متعلّقاتهم. ومن خلال تحديث مناهجهم وتبنّي الموارد الرقمية والكتب الإلكترونية، والتي يمكن أن تقلل بشكل كبير من كمية الكتب المدرسية الورقيّة.

ويقع على وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، تصميم وتنفيذ اللوائح التي تحدد قيود الوزن المناسبة لحقائب الظهر المدرسية مع مراعاة أعمار الأطفال وقدراتهم البدنية، ينبغي أن تكون هذه اللوائح موحدة في جميع المؤسسات. بالإضافة إلى إلزام المدارس باستخدام نظام منهجي لتحديد الواجبات المنزلية، والتأكد من أنها مقبولة ومتوازنة ولا تؤدي إلى حمل الكثير من الكتب ومستلزماتها إلى المنزل.

ولقد أكّدت كل الدراسات على الآثار المضرّة للحقائب المدرسية الثقيلة على صحة الأطفال. وأن حمل الحقائب المدرسيّة الثقيلة بشكل يومي يؤدي إلى الإجهاد والتعب وآلام الظهر. وشدّدت على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية لحماية السلامة البدنية للأطفال وخلق بيئة تعليميّة أكثر صحة.

ختامًا، المسؤولية في حل مشكلة الحقائب المدرسيّة الثقيلة للطلاب في لبنان هي مشتركة بين المدرسة والأهل والسلطات التربوية. ومعالجتها ستخفف المجهود والضرر الجسدي على أطفالنا، وتضمن بيئة تعليميّة أكثر ملاءمة. وللوصول لهذه البيئة الصحيّة يجب معالجة الأسباب الأساسيّة للمشكلة عن طريق المعالجة العلميّة والعمليّة الفعّالة.