تحضيرات المرشحين للانتخابات في بعلبك بدأت… والناخب يكافح من أجل كيلو سكر أو ليتر من المازوت

يبدو جليًّا للناظر في وجوه المواطنين في بعلبك، شحوب يعتري هذه الوجوه وَهَمّ شديد يعبَّر عن نفسه بالشرود واختلاط الكلام واضطراب في الأفكار يصل ببعض الأحيان لحدود الهذيان. فعندما يصبح أكبر هموم المواطن، ليتر من المازوت أو كيلو من الطحين أو السكر، يصبح موضوع الانتخابات من الكماليّات والأمور المؤجّلة، “ويدرا مين يعيش” هي العبارة التي تتكلّم على وضعهم.

سأحاول اليوم أن أعبّر عن أفكار هؤلاء الناس بتجرّد من قناعاتي الخاصة ورأيي الشخصي.
فالناخبون اليوم ينقسمون إلى ثلاثة أقسام رئيسيّة:
– القسم الأول وأغلبه من الشيعة، مسلّم أمره وحياته وصوته لقيادته التي يثق بها حدّ التقديس، وسيدلي بصوته التفضيلي حسب التوجيهات يوم الانتخابات. هذا القسم هو أكثر من نصف الناخبين (حوالي ٦٠%) في هذه الدائرة، ونسبة ال ٦٠% قد تتجاوز ال ٧٠% بسهولة عند التجييش الطائفي والعقائدي والتعبئة القصوى للمناصرين والمحبّذين. يتمثل هذا القسم بجمهور حزب الله وحركة أمل والمقربّين منهما. تستعمل هذه الأحزاب الخطاب الديني، وتاريخ المقاومة وتضحيات الشهداء، وتخوين المنافسين ولا سيّما حزب القوات اللبنانيّة والمتحالفين معهم، والتشكيك في خلفيّاتهم وتمويلهم، كأسلوب أساسي في ضبط خيار الناخبين والحفاظ على كل مقاعد الشيعة ( ٦ مقاعد) وما أمكن من طوائف أخرى (٤ مقاعد).
-القسم الثاني وهو من غير الشيعة ويتراوح بين ال ١٠% وال ١٥%  من الناخبين وهو المناوئ تمامًا للقسم الأول، وسينتخب من هو ضد خط وأفكار ما يسمى بمحور الممانعة. وهذا القسم بمعظمه هو من السنة والمسيحيين. يعتمد في خطابه على وصف منافسيه ولا سيما حزب الله، بالأحزاب الشموليّة، غير السياديّة، وبأنها الحامي الأكبر للنظام الفاسد، والمانع الأعظم أمام قيام الدولة، وأن حزب الله يتعامل مع المنطقة بأسلوب “أنا ربكم الأعلى” بدليل ترشيحه نفس الوجوه والأسماء دون عودة لمزاج الشارع الغاضب. يضمن هذا القسم نجاح مقعد واحد ويسعى من خلال تحالفاته للحصول على مقعد آخر أو حتى ربما أكثر.
– القسم الثالث والأخير ويضم ناخبين من مختلف الطوائف، أغلبهم من غير المحزبّين، الغاضبين من النظام الحالي والثائرين عليه. وللمفارقة، في يوم الانتخابات، ونتيجة للشد الطائفي وعلى مبدأ “يا غيرة الدين” سيذهب الكثير من أصوات هذا القسم للقسمين الأولّين. يتميّز هذا القسم بكثرة المرشحّين مع ضعف إمكانيّات الاقناع والمنافسة الفعليّة. وبعد انسحاب تيار المستقبل الرسمي، سيكون خيار قسم كبير من ناخبيه بين التصويت حسب القناعات الشخصيّة أو الامتناع عن التصويت.

بغض النظر عن فتور حماسة الناخبين تجاه الانتخابات العائد للأزمة المعيشيّة الخانقة التي يعيشونها، وبالرغم من عدم قبول أي من الأحزاب الحاكمة تحمّل المسؤولية في الانهيار الحاصل، ومع عدم حصول معجزة إلهيّة غير مرتقبة عند الاقتراع، فهذه الانتخابات ستعيد انتخاب نفس هذه الأحزاب بشكل أو بآخر (٧ أو ٨ للائحة حزب الله وحلفائه، و٢ أو ٣ للقوات اللبنانية والآخرين من نفس اللائحة أو لائحة أخرى)، وهذا ما يدفع الكثير من غير الراضين عن هذا الوضع للاعتكاف والامتناع عن التصويت.