البنزين في لبنان : بين خطر الطوابير ونار السوق السوداء
يعاني كل مقيم على الأراضي اللبنانية من عدد متزايد من الأزمات، لكن ربما تكون أخطرها هي أزمة البنزين. فمع تخلّف الدولة اللبنانية منذ عشرات السنين وحتى اليوم عن واجباتها في تأمين وسائل النقل العام أصبحت صفيحة البنزين من المستلزمات الحياتيّة الضروريّة في كل بيت في لبنان.
اليوم، ومع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها اللبنانيون، ومع تدهور قيمة الليرة اللبنانية والقدرة الشرائية لديهم، ومع رفع الدعم عن مشتقّات النفط، أصبح الحصول على البنزين الشغل الشاغل لكل من يقتني سيّارة في لبنان، والحلم الأكبر هو خزّان سيّارة مليء بالبنزين. وللحصول على البنزين حلّان لا ثالث لهما:
– الوقوف في الطوابير لساعات طويلة يصحبه الكثير من مزاحمة “الزعران” والاستماع للألفاظ والعبارات البذيئة والمنحطّة، هذا كلّه بالإضافة إلى احتمال كبير بنشوء إشكال قد يقتصر على الشتائم والتضارب بالأيدي وقد يصل لاستعمال الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. وفي الطابور تجد الرجال والنساء والأطفال والعجائز والمرضى والأطباء والمعلّمين وموظفي القطاع العام وكل من أصبح راتبه الشهري بضع ليترات من البنزين قد لا تكفيه حتى للذهاب إلى عمله والعودة منه.
– الحلّ الثاني هو الشراء من السوق السوداء بأسعار قد تصل لأضعاف السعر الشرعي هربًا من طوابير الذلّ والانتظار.
مع الوقت ومع نفاذ الصبر من الانتظار في الطوابير، وانعدام المال للسوق السوداء، يلجأ الناس للإحجام عن استعمال سيّاراتهم مع ما يستتبع ذلك من التوقف عن العمل، وزيارات الأهل والأقارب والأصدقاء والأطباء، وربّما التوقّف عن الشعور بأنهم…. بشر.
“محمد إسماعيل” ©️